بعث الرسل وانزال الكتب وهو قبيح وبعين هذا الملاك يجب الفحس عن الأحكام الشرعية عند احتمال تحققها في نفس الامر وامكان وصول العبد إليها بالفحص وهو ذلك يظهران اثبات تقييد موضوع الأصول الشرعية الجارية في موارد الشبهات الحكمية لا يحتاج إلى التمسك بالاخبار أو الاجماع وإن كانت دلالة الاخبار على ذلك في نفسها وافية وكلمات العلماء عليه متوافقة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الحق هو عدم جواز التمسك بالعموم قبل الفحص عن المخصص كما أنه لا يجوز التمسك بالأصل العملي قبل الفحص عن الحجة واستدل على ذلك بوجوه أنهاها بعضهم إلى ثلاثة عشر وجها ولا يهمنا التعرض لها وانما المهم هو التعرض لوجه يشترك فيه كلا المقامين ثم ارداف ذلك بوجهين يختص كل منهما بواحد من المقامين بخصوصه (اما الوجه الذي يشترك فيه كلا المقامين) فهو انا نعلم اجماعا بوجود مخصصات كثيرة العمومات الواردة في الكتاب والسنة ومقتضى ذلك عدم جواز العمل بها الا بعد الفحص عن المخصص كما أن مقتضى العلم الاجمالي بوجود واجبات و محرمات كثيرة ثابتة في الشريعة المقدسة عدم جواز الرجوع إلى الأصل العملي الا بعد الفحص عن الحجة على التكليف (فان قلت) ان العلم الاجمالي بوجود مخصصات كثيرة لا موجب له الا العلم الاجمالي باشتمال الكتب المعتبرة المعتمدة للشيعة على مخصصات لتلك العمومات الواردة في الكتاب والسنة فلا يكون مقتضاه الا وجوب الرجوع إلى خصوص تلك الكتب لأجل الفحص عن المخصص كما هو المطلوب وهذا بخلاف العلم الاجمالي بوجود واجبات ومحرمات في الشريعة المقدسة فإنه انما نشاء من العلم بأصل التشريع فاثر العلم الاجمالي أعني به وجوب الفحص لا يرتفع بعد الفحص عن الحجة في خصوص الكتب المذكورة ولازم ذلك هو الاحتياط حتى بعد الفحص والبحث وعدم الظفر بالحجة في خصوص تلك الكتب (وبالجملة) ان دائرة العلم الاجمالي بوجود المخصصات ضيقة من أول الأمر فلا يجب الفحص عنها الا في أطراف تلك الدائرة أعني بها الكتب المعتبرة المشتملة على تلك المخصصات فإذا تفحصنا عن مخصص عموم بخصوصه ولم نظفر به في تلك الكتب خرج ذلك العموم من أطراف العلم الاجمالي وصار احتمال التخصيص فيه شبهة بدوية ولا بد معه