بالوجوب من كون الواجب المتوقف عليها أهم من غيره المزاحم له لما تقدم من أنه لا تسقط حرمة المقدمة إلا بكون الواجب المتوقف عليها أهم من تركها ولا وجه للقول بالتخيير عند عدم الأهمية في البين وهذا بخلاف بقية الافعال من المباحات والمكروهات والمستحبات فإنها لعدم تعقل مزاحمتها للواجب يزول حكمها بمجرد توقف الواجب الفعلي عليها فتتصف بالوجوب الغيري لا محالة ثم إنه قد ذكرنا في بحث مقدمة الواجب انه إذا فرض كون الواجب المتوقف على مقدمة محرمة أهم من تركها ومع ذلك لم يكن الاتيان بها للتوصل بها إليه فالوجدان أصدق شاهد على انها لا تقع على صفة الوجوب الغيري ولاجله ذهب الشيخ الأنصاري (قده) إلى اعتبار قصد التوصل في وقوع المقدمة على صفة الوجوب (واختار) صاحب الفصول (قده) اختصاص الوجوب بالمقدمة التي توصل بالفعل إلى الواجب المتوقف عليها وقد بينا ما يرد (1) عليهما في البحث المذكور وأشرنا إلى أن المختار عندنا هو القول بحرمة المقدمة من باب الترتب بمعنى ان الوجوب العرضي الثابت للمقدمة يزول عنها على تقدير عصيان الواجب المتوقف عليها فيحكم عليها بالحكم الثابت لها في نفسها مع قطع النظر عن توقف الواجب عليها وتنقيح ذلك انما هو برسم مقدمتين (الأولى) ان الخطاب المقدمي وإن كان خطابا آخر غير الخطاب النفسي ومترشحا منه الا انه في مرتبته (2) من حيث اقتضائه لتحقق الواجب النفسي فان الخطاب النفسي كما أنه يقتضى حصول متعلقه في الخارج ومتعرض لحاله بوضع تقدير الإطاعة وهدم تقدير المعصية كذلك الحال في الخطاب المقدمي فان المقدمة انما وجبت من حيث الايصال كما افاده المحقق صاحب الحاشية (قده) والحيثية المذكورة في كلامه (قده) ليست حيثية تقييدية ليرجع كلامه إلى القول باختصاص الوجوب الغيري بالمقدمة الموصلة ولا حيثية تعليلية
(٣٢١)