المفروض وحينئذ فإن كان كل من الخطابين مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الاخر أو كان أحدهما مشروطا بذلك فيستحيل وقوع متعلقيهما في الخارج على صفة المطلوبية وتعلق الطلب بالجمع بينهما ولو كان ممكنا في نفسه فلو اتى المكلف بهما بداعي المطلوبية لكان مشرعا لا محالة واما إذا كانا مطلقين من هذه الجهة فاجتماع الطلبين في الزمان يستلزم طلب الجمع بين متعلقيهما فإن كان ممكنا فلا اشكال ولا فتقع المزاحمة بينهما قهرا فيحكم العقل بالتخيير بينهما كما مر (فتحصل) ان طلب الجمع في هذا الفرض انما هو نتيجة اطلاق الخطابين دون فعليتهما (واما القسم الثاني) فاما أن لا يكون أحد الخطابين المجتمعين في الزمان ناظرا إلى ذلك وعلى الأول فحكمه حكم القسم الأول بعينه فان موضوع الخطاب وإن كان قابلا للتصرف الشرعي لكونه تحت الاختيار الا أن الخطاب الاخر لما لم يكن ناظرا إلى رفعه بل هو أجنبي عنه كان الخطابان عرضيين من هذه الجهة لا محالة فيجرى فيه ما ذكرناه في القسم الأول وان طلب الجمع انما هو من لوازم اطلاق الخطابين فيكونان متزاحمين عند عدم امكان الجمع بين المتعلقين فيحكم العقل بالتخيير بينهما (وتوهم) انه لا محذور في طلب الجمع في هذا الفرض وإن كان الجمع غير مقدور عليه للمكلف نظرا إلى تمكنه من عدم ايجاد شرط أحد الخطابين وهو طلب المهم في محل الكلام فيمكنه ان لا يقع في محذور المخالفة (مدفوع) بأن القدرة التي هي شرط التكليف انما هي القدرة على متعلق التكليف في فرض وجود موضوعه لا القدرة على الموضوع فان التكليف كما ذكرناه مرارا انما هو لتحريك المكلف نحو الفعل الخارجي فيستحيل التكليف عند عدم القدرة على متعلقه ولو كان موضوع التكليف مقدورا له فالمولى الحكيم لا يمكنه الامر بالطيران إلى الهواء ولو كان ذلك مشروطا بأمر اختياري كصعود المكلف إلى السطح فان الصعود إلى السطح وإن كان مقدورا له الا ان الطيران إلى الهواء بما انه يستحيل صدوره منه يستحيل تحريكه إليه وتوهم عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار كما نسب إلى أبي هاشم مضافا إلى أنه ممنوع في نفسه كما تقدم وانما المسلم من عدم المنافاة عدمها بالإضافة إلى العقاب دون الخطاب أجنبي عن المقام رأسا فان التوهم المزبور انما هو فيما إذا كان الفعل المأمور به مقدورا في حد ذاته وامتنع بالاختيار لا فيما إذا
(٢٩٩)