بين الناس، فاستغنى بقوله: * (وليعلم الله الذين آمنوا منكم) * عن ذكر قوله: * (من الذين نافقوا) * لدلالة الكلام عليه، إذ كان في قوله: * (الذين آمنوا) * تأويل أي على ما وصفنا.
فكأنه قيل: وليعلم الله أيكم المؤمن، كما قال جل ثناؤه: * (لنعلم أي الحزبين أحصى) * غير أن الألف واللام والذي ومن، إذا وضعت مع العلم موضع أي نصبت بوقوع العلم عليه، كما قيل: وليعلمن الكاذبين، فأما أي فإنها ترفع.
وأما قوله: * (ويتخذ منكم شهداء) * فإنه يعني: وليعلم الله الذين آمنوا، وليتخذ منكم شهداء: أي ليكرم منكم بالشهادة من أراد أن يكرمه بها. والشهداء جمع شهيد، كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء) * أي ليميز بين المؤمنين والمنافقين، وليكرم من أكرم من أهل الايمان بالشهادة.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك قراءة على ابن جريج في قوله: * (وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء) * قال: فإن المسلمين كانوا يسألون ربهم: ربنا أرنا يوما كيوم بدر، نقاتل فيه المشركين، ونبليك فيه خيرا، ونلتمس فيه الشهادة! فلقوا المشركين يوم أحد، فاتخذ منهم شهداء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء) * فكرم الله أولياءه بالشهادة بأيدي عدوهم، ثم تصير حواصل الأمور وعواقبها لأهل طاعة الله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
* (وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء) * قال: قال ابن عباس: كانوا يسألون الشهادة، فلقوا المشركين يوم أحد، فاتخذ منهم شهداء.
حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: * (وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء) * كان المسلمون يسألون ربهم أن يريهم يوما كيوم بدر، يبلون فيه خيرا، ويرزقون فيه الشهادة، ويرزقون الجنة والحياة والرزق. فلقي المسلمون يوم أحد فاتخذ الله منهم