الذين ذكر عددهم إلا بشرى لكم، يعني بشرى يبشركم بها، * (ولتطمئن قلوبكم به) * يقول:
وكي تطمئن بوعده الذي وعدكم من ذلك قلوبكم، فتسكن إليه، ولا تجزع من كثرة عدد عدوكم، وقلة عددكم. * (وما النصر إلا من عند الله) *: يعني وما ظفركم إن ظفرتم بعدوكم إلا بعون الله، لا من قبل المدد الذي يأتيكم من الملائكة، يقول: فعلى الله فتوكلوا، وبه فاستعينوا، لا بالجموع وكثرة العدد، فإن نصركم إن كان إنما يكون بالله وبعونه ومعكم من ملائكته خمسة آلاف، فإنه إلى أن يكون ذلك بعون الله وبتقويته إياكم على عدوكم، وإن كان معكم من البشر جموع كثيرة أخرى، فاتقوا الله واصبروا على جهاده عدوكم، فإن الله ناصركم عليهم. كما:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: * (وما جعله الله إلا بشرى لكم) * يقول: إنما جعلهم ليستبشروا بهم، وليطمئنوا إليهم، ولم يقاتلوا معهم يومئذ، يعني يوم أحد. قال مجاهد: ولم يقاتلوا معهم يومئذ ولا قبله ولا بعده إلا يوم بدر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به) * لما أعرف من ضعفكم، وما النصر إلا من عندي بسلطاني وقدرتي، وذلك أني أعرف الحكمة التي لا إلى أحد من خلقي.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: * (وما النصر إلا من عند الله) * لو شاء أن ينصركم بغير الملائكة فعل العزيز الحكيم.
وأما معنى قوله: * (العزيز الحكيم) * فإنه جل ثناؤه يعني: العزيز في انتقامه من أهل الكفر بأيدي أوليائه من أهل طاعته، الحكيم في تدبيره لكم أيها المؤمنون على أعدائكم من أهل الكفر، وغير ذلك من أموره. يقول: فأبشروا أيها المؤمنون بتدبيري لكم على أعدائكم، ونصري إياكم عليهم إن أنتم أطعتموني فيما أمرتكم به وصبرتم لجهاد عدوي وعدوكم. القول في تأويل قوله تعالى: