الفلانية من نصيبي فإنها لم تكن من رزقي قطعا.. فلو كانت من نصيبي لوصلتني حتما من دون تكلف عناء الكسب. وبهذا يستغل المستعمرون هذه الفرصة ليحرموا الكثير من الخلق التمتع بأسباب الحياة... في حين أن أقل معرفة بالقرآن والأحاديث الإسلامية تكفي في بيان أن الإسلام يعد أساس أي استفادة مادية ومعنوية للإنسان هو السعي والجد والمثابرة، حتى أننا نجد في القرآن جملة بمثابة الشعار لهذا الموضوع، وهي الآية الكريمة ليس للإنسان إلا ما سعى.
وكان أئمة المسلمين - ومن أجل أن يسنوا للآخرين نهجا يسيرون عليه - يعملون في كثير من المواقع أعمالا صعبة ومجهدة.
والأنبياء السابقون - أيضا - لم يستثنوا من هذا القانون، فكانوا يعملون على الاكتساب، من رعي الأغنام إلى الخياطة إلى نسج الدروع إلى الزراعة. فإذا كان مفهوم الرزق من الله أن نجلس في البيت وننتظر الرزق، فما كان ينبغي للأنبياء والأئمة - الذين هم أعرف بالمفاهيم الدينية - أن يسعوا هذا السعي إلى الرزق!
وعلى هذا نقول: إن رزق كل أحد مقدر وثابت، إلا أنه مشروط بالسعي والجد، وإذا لم يتوفر الشرط لم يحصل المشروط. وهذا كما نقول: إن لكل فرد أجلا ومدة من العمر. ولكن من المسلم والطبيعي أن مفهوم هذا الكلام لا يعني أن الإنسان حتى لو أقدم على الانتحار أو أضرب عن الطعام فإنه سيبقى حيا إلى أجل معين!!
إنما مفهوم هذا الكلام أن للبدن استعدادا للبقاء إلى مدة معينة ولكن بشرط أن يراعي الظروف الصحية وأن يبتعد عن الأخطار، وأن يجنب نفسه عما يكون سببا في تعجيل الموت.
المسألة المهمة في هذا المجال أن الآيات والروايات المتعلقة بتقدير الرزق - في الواقع - بمثابة الكابح للاشخاص الحريصين وعباد الدنيا الذين يلجون كل باب، ويرتكبون أنواع الظلم والجنايات، ويتصورون أنهم إذا لم يفعلوا ذلك لم يؤمنوا حياتهم!