تفسير هاتين الكلمتين يستفاد أنه في بداية الخلق كان الكون بصورة مواد ذائبة " مع غازات مضغوطة للغاية، بحيث كانت على صورة مواد ذائبة أو مائعة ".
وبعدئذ حدثت اهتزازات شديدة وانفجارات عظيمة في هذه المواد المتراكمة الذائبة، وأخذت تتقاذف أجزاء من سطحها إلى الخارج، وأخذ هذا الوجود المترابط بالانفصال. ثم تشكلت بعد ذلك الكواكب السيارة والمنظومات الشمسية والأجرام السماوية.
فعلى هذا نقول: إن عالم الوجود ومرتكزات قدرة الله كانت مستقرة بادئ الأمر على المواد المتراكمة الذائبة، وهذا الأمر هو نفسه الذي أشير إليه في الآية (30) من سورة الأنبياء.
أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي....
وفي الخطبة الأولى من نهج البلاغة إشارات واضحة إلى هذا المعنى..
والمطلب الثاني: الذي تشير إليه الآية - آنفة الذكر - هو الهدف من خلق الكون، والقسم الأساس من ذلك الهدف يعود للإنسان نفسه الذي يمثل ذروة الخلائق..
هذا الإنسان الذي كتب عليه أن يسير في طريق التعليم والتربية ويشق طريق التكامل نحو الله تعالى يقول الله سبحانه: ليبلوكم أيكم أحسن عملا أي ليختبركم ويمتحنكم أيكم الأفضل والأحسن عملا بهذه الدار الدنيا.
" ليبلوكم " كلمة مشتقة من مادة " البلاء " و " الابتلاء " ومعناها - كما أشرنا إليه آنفا - الاختبار والإمتحان..
والامتحانات الإلهية ليست من قبيل معرفة النفس وكشف الحالة التي عليها الإنسان في محتواه الداخلي وفي فكره وروحه، بل بمعنى التربية (تقدم شرح هذا الموضوع في ذيل الآية 155 من سورة البقرة) والطريف في هذه الآية أنها تجعل