5 - أكدت الآية الأخيرة حين الإشارة إلى سعة علم الله على ثلاث مسائل وقالت: إنك لا تكون في حالة نفسية معينة، ولا تتلو أية آية، ولا تقوم بأي عمل إلا ونحن شاهدون عليك وناظرون إليك.
إن هذه التعبيرات الثلاثة إشارة إلى أفكار وأقوال وأعمال البشر، أي إن الله تعالى كما ينظر إلى أعمالنا، فإنه يسمع كلامنا، وهو مطلع على أفكارنا ونياتنا، ولا يخرج عن إحاطة علم الله شئ منها.
ولا شك أن النية والحالات الروحية تقع في المرحلة الأولى، والقول يأتي بعدها، ثم يتبعهما العمل والتنفيذ، ولهذا قد ورد نفس الترتيب في الآية.
ثم إننا نرى أن القسم الأول والثاني قد ذكرا بصيغة المفرد، والخطاب موجه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أما القسم الثالث فإنه ورد بصيغة الجمع والخطاب موجه لعامة المسلمين، ويمكن أن يكون ذلك باعتبار أن اتخاذ القرار في البرامج الإسلامية مرتبط بقائد الأمة وهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما أن تلقي آيات القرآن من الله وتلاوتها يتم عن طريقة، إلا أن العمل بهذه البرامج والأوامر متعلق بكل الأمة، ولا يستثنى من ذلك أحد.
6 - لقد بينت آخر هذه الآيات درسا كبيرا لكل المسلمين... درس يستطيع أن يسلك بهم طريق الحق ويصرفهم عن الانحرافات والطرق الملتوية.. درس فيه صلاح المجتمع مع التوجه إليه، وهو: إننا يجب أن نعي هذه الحقيقة، وهي أن كل خطوة نخطوها، وكل كلام نقوله، وكل فكرة تخطر في أذهاننا، ولأي جهة ننظر، وعلى أي حال نكون، فليس الله سبحانه وحده يراقبنا ونحن على هذه الأحوال والأفعال، بل إن ملائكته تراقبنا أيضا، وينظرون إلينا بكل دقة وانتباه.
إن أدنى حركة في خفايا السماء والأرض لا تخفي على علمه ونظره، بل إنها تثبت كلها في ذلك اللوح المحفوظ الذي لا طريق للغلط والاشتباه والاختلاف إليه.. في صفحة علم الله اللامتناهي.. في فكر الملائكة المقربين وكتاب أعمال