ولبعض العلماء تعريف طريف في شأن هذين المعدنين ولغتيهما " كما ذكر ذلك العلامة الطبرسي في مجمع البيان " فقال: إنما سمي الذهب ذهبا لذهابه عن اليد عاجلا، وإنما سميت الفضة لانفضاضها أي لتفرقها، ولمعرفة مآل وحقيقة هذه الثروة فإن هذه التسمية كافية (لكل من المالين - الذهب والفضة).
ومنذ كانت المجتمعات البشرية كانت مسألة المبادلة - سلعة بسلعة - رائجة بين الناس، فكان كل يبيع ما يجده زائدا على حاجته من المحاصيل الزراعية أو الدواجن بجنس آخر، أو بضاعة أخرى، لأن النقد " الدينار أو الدرهم " لم يكن آنئذ، لكن لما كانت المبادلة - أعني مبادلة الأجناس أو البضائع - تحدث بعض المشاكل أو المصاعب، لعدم وجود ما يحتاجه البائع، دائما فقد يكون هناك شئ آخر - مثلا - يراد تبديله، فقد دعت الحاجة إلى اختراع النقد.
وقد كان وجود الفضة، بل الأهم منه وجود الذهب، مدعاة إلى تحقق هذه الفكرة، وهي أن تمثل الفضة القيمة الدانية، وأن يمثل الذهب القيمة الغالية، وبهما اتخذت المعاملات رونقا جديدا بارزا.
فبناء على ذلك فإن الحكمة الأصيلة من النقد - الذهب والفضة - هي سرعة تحرك عجلة المبادلات الاقتصادية.
أما الذين يكنزون الذهب والفضة، فهم لا يكونون سببا لركود الوضع الاقتصادي والضرر بالمجتمع فحسب، بل إن عملهم هذا مخالف لفلسفة ابتداع النقد واختراعه.
فالآية محل البحث تحرم الكنز وجمع المال، والثروة بصراحة، وتأمر المسلمين أن ينفقوا أموالهم في سبيل الله وما فيه نفع عباد الله، وأن يتجنبوا كنزها ودفنها وإبعادها عن تحرك السوق، وإلا فلينتظروا " العذاب الأليم ".
وهذا العذاب الأليم ليس جزاءهم في يوم القيامة فحسب، بل يشملهم في الدنيا - لإرباكهم الحالة الاقتصادية ولإيجاد الطبقية بين الناس " الفقير والغني " أيضا.