يعد كنزا. وينبغي الالتفات بطبيعة الحال إلى أنه مع رعاية الموازين الإسلامية، وما هو مقرر في شأن رؤوس الأموال والأرباح، فإن الأموال لا تتراكم بشكل غير مألوف فوق العادة، لأن الإسلام وضع قيودا وشروطا للمال لا يتسنى للانسان معها جمع الأموال وادخارها.
وأما في الحالات غير الطبيعية وغير الاعتيادية، وعندما يقتضي حفظ مصالح المجتمع الإسلامي ذلك، فإن الحكومة الإسلامية، تحدد لجمع المال مقدارا، كما مر في حديث الإمام علي (عليه السلام) أو تطالب الناس بالكنوز وما جمعوه من المال كليا، كما هو الحال في قيام المهدي، إذ مرت رواية الإمام الصادق (عليه السلام) مع ذكر العلة...
" فيستعين به (أي المال) على عدوه ".
إلا أننا نكرر القول بأن هذا الموضوع يختص بالحكومة الإسلامية، وهي التي لها حق البت والتصميم في مواطن الضرورة والاقتضاء " فلاحظوا بدقة ".
وأما قصة أبي ذر (رضي الله عنه) فلعلها ناظرة إلى هذا الموضوع ذاته، إذا كان المجتمع الإسلامي في حاجة ماسة وشديدة للمال، وكان جمع المال وكنزه مخالفا لمنافع المجتمع وحفظ وجوده.
ومع أن أبا ذر (رضي الله عنه) كان ناظرا إلى أموال " بيت المال " التي كانت عند عثمان ومعاوية، ونحن نعرف أنه مع وجود المستحقين لا يجوز تأخير دفع المال عنهم لحظة واحدة، بل يجب دفعه إلى أصحابه فورا، ولا علاقة لمسألة الزكاة بهذا الموضوع أبدا.
على أن التواريخ الإسلامية - سنية وشيعية - مجمعة وشاهدة على أن عثمان وزع أموال بيت المال الضخمة الطائلة على أقاربه، وأن معاوية بنى من بيت مال المسلمين قصرا ضخما أحيا به أساطير قصور الساسانيين، وكان لأبي ذر رضوان الله عليه الحق في أن يحتج بالآية محل البحث أمامها.