جماعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انتشروا بين القبائل يدعونهم إلى الإسلام، فرحبوا بهم وأحسنوا إليهم، إلا أن بعضهم قد لامهم على تركهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتوجه إليهم، وقد تأثر هؤلاء لذلك ورجعوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنزلت الآية تؤيد عمل هؤلاء في الدعوة إلى الإسلام، وأزالت قلقهم.
وروي سبب ثالث للنزول في تفسير " التبيان "، وهو أن الأعراب لما أسلموا توجهوا جميعا نحو المدينة لتعلم الأحكام الإسلامية، فسبب ذلك ارتفاع قيمة البضائع والمواد الغذائية، وإيجاد مشاكل ومشاغل أخرى لمسلمي المدينة، فنزلت الآية وعرفتهم بأنه لا يجب توجههم جميعا إلى المدينة وترك ديارهم وأخلاؤها، بل يكفي أن يقوم بهذا العمل طائفة منهم.
2 التفسير 3 محاربة الجهل وجهاد العدو:
إن لهذه الآية ارتباطا بالآيات السابقة حول موضوع الجهاد، وتشير إلى حقيقة حياتية بالنسبة للمسلمين، وهي: أن الجهاد وإن كان عظيم الأهمية، والتخلف عنه ذنب وعار، إلا أنه في غير الحالات الضرورية لا لزوم لتوجه المؤمنون كافة إلى ساحات الجهاد، خاصة في الموارد التي يبقى فيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة، بل يبقى منهم جماعة لتعلم أحكام الدين ويتوجه الباقون إلى الجهاد: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين.
فإذا رجع أصحابهم من الجهاد يقومون بتعليمهم هذه الأحكام والمعارف الإسلامية، ويحذرونهم من مخالفتها: ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم والهدف من ذلك أن يحذر هؤلاء عن مخالفة أوامر الله سبحانه بانذارهم لعلهم يحذرون.
* * *