3 جواب سؤال يتصور بعض المفسرين والمحدثين أن الآية دليل على أن " المستقلات العقلية " - (وهي الأمور التي يدركها الإنسان عن طريق العقل لا عن طريق حكم الشرع، كإدراك قبح الظلم وحسن العدل، أو سوء الكذب والسرقة والاعتداء وقتل النفس وأمثال ذلك) - ما دام الشرع لم يبينها، فإن أحدا غير مسؤول عنها. وبتعبير آخر فإن كل الأحكام العقلية يجب أن تؤيد من قبل الشرع لإيجاد التكليف والمسؤولية على الناس، وعلى هذا فإن الناس قبل نزول الشرع غير مسؤولين مطلقا، حتى في مقابل المستقلات العقلية.
إلا أن بطلان هذا التصور واضح، فإن جملة حتى يبين لهم تجيبهم وتبين لهم أن هذه الآية وأمثالها خاصة بالمسائل التي بقيت في حيز الإبهام وتحتاج إلى التبيين والإيضاح، ومن المسلم أنها لا تشمل المستقلات العقلية، لأن قبح الظلم وحسن العدل ليس أمرا مبهما حتى يحتاج إلى توضيح.
الذين يذهبون إلى هذا القول غفلوا عن أن هذا القول - إن صح - فلا وجه لوجوب تلبية دعوة الأنبياء، ولا مبرر لأن يطالعوا ويحققوا دعوى مدعي النبوة ومعجزاته حتى يتبين لهم صدقه أو كذبه، لأن صدق النبي والحكم الإلهي لم يبين لحد الآن لهؤلاء، وعلى هذا فلا داعي للتحقق من دعواه.
وعلى هذا فكما يجب التثبت من دعوى من يدعي النبوة بحكم العقل، وهو من المستقلات العقلية، فكذلك يجب اتباع سائر المسائل التي يدركها العقل بوضوح.
والدليل على هذا الكلام التعبير المستفاد من بعض الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)، ففي كتاب التوحيد، عن الصادق (عليه السلام) أنه قال في تفسير هذه الآية: " حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه " (1).
وعلى كل حال، فإن هذه الآية وأمثالها تعتبر أساسا لقانون كلي أصولي، وهو