2 التفسير 3 مؤامرة خطرة:
إن ارتباط هذه الآية بالآيات السابقة واضح جدا، لأن الكلام كان يدور حول المنافقين، غاية ما في الأمر أن هذه الآية تزيح الستار عن عمل آخر من أعمال المنافقين، وهو أن هؤلاء عندما رأوا أن أمرهم قد انكشف، أنكروا ما نسب إليهم بل أقسموا باليمين الكاذبة على مدعاهم.
في البداية تذكر الآية أن هؤلاء المنافقين لا يرتدعون عن اليمين الكاذبة في تأييد إنكارهم، ولدفع التهمة فإنهم يحلفون بالله ما قالوا في الوقت الذي يعلمون أنهم ارتكبوا ما نسب إليهم من الكفر ولقد قالوا كلمة الكفر وعلى هذا فإنهم قد اختاروا طريق الكفر بعد إعلانهم الإسلام وكفروا بعد اسلامهم.. ومن البديهي أن هؤلاء لم يكونوا مسلمين منذ البداية، بل إنهم أظهروا الإسلام فقط، وعلى هذا فإنهم بإظهارهم الكفر قد هتكوا ومزقوا حتى هذا الحجاب المزيف الذي كانوا يتسترون به.
وفوق كل ذلك فقد صمموا على أمر خطير لم يوفقوا لتحقيقه وهموا بما لم ينالوا ويمكن أن يكون هذا إشارة إلى تلك المؤامرة لقتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ليلة العقبة، والتي مر ذكرها آنفا، أو أنه إشارة إلى كل أعمال المنافقين التي يسعون من خلالها إلى تحطيم المجتمع الإسلامي وبث بذور الفرقة والفساد والنفاق بين أوساطه، لكنهم لن يصلوا إلى أهدافهم مطلقا.
مما يستحق الانتباه أن يقظة المسلمين تجاه الحوادث المختلفة كانت سببا في معرفة المنافقين وكشفهم، فقد كان المسلمون - دائما - يرصدون هؤلاء، فإذا سمعوا منهم كلاما منافيا فإنهم يخبرون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) به من أجل منعهم وتلقي الأوامر فيما يجب عمله تجاه هؤلاء. إن هذا الوعي والعمل المضاد المؤيد بنزول الآيات أدى إلى فضح المنافقين وإحباط مؤامراتهم وخططهم الخبيثة.