مماتي، ويسكن جنتي التي واعدني الله ربي، جنات عدن... فليوال علي بن أبي طالب (عليه السلام) وذريته (عليهم السلام) من بعده ". (1) ويتضح من هذا الحديث أن جنات عدن حدائق خاصة في الجنة سيستقر فيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجماعة من خلص أصحابه وأتباعه.
وهذا المضمون قد ورد في حديث آخر عن علي (عليه السلام)، ويدل على أن جنات عدن مقر إقامة نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم).
بعد ذلك تشير الآية إلى الجزاء المعنوي المعد لهؤلاء، وهو رضى الله تعالى عنهم المختص بالمؤمنين الحقيقيين، وهو أهم وأعظم جزاء، ويفوق كل النعم والعطايا الأخرى ورضوان من الله أكبر.
إن اللذة المعنوية والإحساس الروحي الذي يحس ويلتذ به الإنسان عند شعوره برضى الله سبحانه وتعالى عنه لا يمكن أن يصفه أي بشر، وعلى قول بعض المفسرين فإن نسمة ولحظة من هذه اللذة الروحية تفوق نعم الجنة كلها ومواهبها المختلفة والمتنوعة واللا متناهية.
من الطبيعي أننا لا نستطيع أن نجسم ونرسم صورة في أفكارنا عن أي نعمة من نعم الحياة الأخرى ونحن في قفص الحياة الدنيا وحياتها المحدودة، فكيف سنصل إلى إدراك هذه النعمة المعنوية والروحية الكبرى؟!
نعم، يمكن إيجاد تصور ضعيف عن الاختلافات المادية والمعنوية التي نعيشها في هذه الدنيا، فمثلا يمكن إدراك الاختلاف في اللذة بين اللقاء بصديق عزيز جدا بعد فراق طويل ولذة الإحساس الروحي الخاص الذي يعتري الإنسان عند إدراكه أو حله لمسألة علمية معقدة صرف في تحصيلها والوصول إلى دقائقها الشهور، بل السنين، أو الانشداد الروحي الذي يبعث على النشاط والجد في لحظات خلوص العبادة، أو النشوة عند توجه القلب وحضوره في مناجاة تمتزج بهذا الحضور، وبين اللذة التي نحس بها من تناول طعام لذيذ وأمثالها من اللذائذ،