في صالح المعتذرين والمجتمع (1).
ومن أجل أن لا يستغل المتتبعون لعيوب الناس ذلك، ولا يجعلون هذه الصفة وسيلة لتأكيد كلامهم، أضاف الله تعالى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤمن بالله ويطيع أوامره، ويصغي إلى كلام المؤمنين المخلصين، ويقبله ويرتب عليه الأثر، يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين، وهذا يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان له طريقان وأسلوبان في عمله:
أحدهما: الحفاظ على الظاهر والحيلولة دون هتك الأستار وفضح أسرار الناس.
والثاني: في مرحلة العمل، فقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) في البداية يسمع من كل أحد، ولا ينكر على أحد ظاهرا، أما في الواقع العملي فإنه لا يعتني ولا يقبل إلا أوامر الله واقتراحات وكلام المؤمنين المخلصين، والقائد الواقعي يجب أن يكون كذلك فإن تأمين مصالح المجتمع لا يتم إلا عن هذا الطريق، لذلك عبر عنه بأنه رحمة للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا.
ويمكن أن يطرح هنا سؤال، وهو أننا نلاحظ في بعض الآيات التعبير عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه رحمة للعالمين، (2) لكننا نقرأ هنا أنه رحمة للمؤمنين، فهل يتطابق ذلك العموم مع هذا التخصيص؟
إلا أننا إذا لاحظنا نقطة دقيقة سيتضح جواب هذا السؤال، وهي أن للرحمة درجات ومراتب متعددة، فإحداها مرتبة (القابلية والاستعداد)، والأخرى (الفعلية).
فمثلا: المطر رحمة إلهية، أي أن هذه القابلية واللياقة موجودة في كل قطرات المطر، فهي منشأ الخير والبركة والنمو والحياة، لكن من المسلم أن آثار هذه