الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن.
" الأذن " في الأصل تطلق على الجزء الظاهر من الحاسة السامعة (الصيوان)، لكنها تطلق على الأفراد الذين يصغون كثيرا لكلام الناس أو كما يقال: سماع.
هؤلاء المنافقون اعتبروا هذه الصفة - والتي هي سمة ايجابية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والتي يجب توفرها في أي قائد كامل - نقطة ضعف في سيرته ومعاملته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكأنهم غفلوا عن أن القائد إذا أراد أن يحبه الناس لابد أن يظهر لهم كل محبة ولطف، وأن يقبل عذر المعتذر ما أمكن، ويستر على عيوبهم، (إلا أن تكون هذه الصفة الحميدة سببا لاستغلالها من قبل البعض).
من هنا نلاحظ أن القرآن قد ردهم مباشرة، وأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول لهم بأنه إذا كان يصغي لكلامكم، ويقبل أعذاركم، أو كما تظنون بأنه أذن، فإن ذلك في مصلحتكم ولمنفعتكم قل أذن خير لكم، فإنه بذلك يحفظ ماء وجوهكم وشخصيتكم، ولا يجرح شعوركم وعواطفكم، وبذلك - أيضا - يسعى لحفظ وحدتكم واتحادكم ومودتكم، ولو أراد أن يرفع الستار عن أفعالكم القبيحة، ويفضح الكاذبين على رؤوس الأشهاد، لضركم ذلك وشق عليكم، وافتضح عدة منكم، وعندها سيغلق أمامهم باب التوبة مما يؤدي إلى توغلهم في الكفر والابتعاد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن كان من المحتمل هدايتهم.
إن القائد الرحيم والمحنك يجب أن يكون مطلعا على كل شئ، لكن لا ينبغي له أن يجابه أفراده بأمورهم الخاصة والمجهولة عند الآخرين حتى يتربى من لهم الاستعداد والقابلية وتبقى اسرار الناس في طي الكتمان.
ويحتمل في تفسير الآية أن يراد معنى آخر، وهو أن الله سبحانه وتعالى يقول في جواب هؤلاء الذين يعيبون على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إصغاءه للآخرين: ليس الأمر كما تظنون بأنه يسمع كل ما يقال له، بل إنه يصغي إلى الكلام الذي فيه نفعكم، أي أنه يسمع الوحي الإلهي، والاقتراح المفيد، ويقبل اعتذار الأفراد إذا كان هذا القبول