وبين عدوهم، وكان التابوت في بني إسرائيل كما قال الله عز وجل: (فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة) وقد كان رفع بعد موسى عليه السلام لما عملت بنوا إسرائيل بالمعاصي، فلما غلبهم جالوت وسألوا النبي أن يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله تقدس وجهه بعث إليهم طالوت وأنزل عليهم التابوت وكان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل وبين أعدائهم ورجع عن التابوت انسان كفر وقتل ولا يرجع أحد عنه الا ويقتل أو يقتل، فكتب داود عليه السلام إلى صاحبه الذي بعثه ان ضع التابوت بينك وبين عدوك. وقدم أوريا بن حيان بين يدي التابوت فقدمه وقتل، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان وقعدا ولم يكن تزوج امرأة أوريا وكانت في عدتها، وداود في محرابه يوم عبادته، فدخل الملكان من سقف البيت وقعدا بين يديه، ففزع داود منهما فقالا: (لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط) ولداود حينئذ تسعة وتسعون امرأة ما بين مهيرة (1) إلى جارية، فقال: أحدهما لداود: (ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب) أي ظلمني وقهرني فقال داود كما حكى الله عز وجل: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) إلى قوله (وخر راكعا وأناب) قال:
فضحك المستعدى عليه من الملائكة وقال: حكم الرجل على نفسه، فقال داود:
أتضحك وقد عصيت؟ لقد هممت ان أهشم فاك (2) قال: فعرجا وقال الملك المستعدى عليه:
لو علم داود انه أحق ان يهشم فاه منى، ففهم داود الامر وذكر الخطيئة فبقي أربعين يوما ساجدا يبكى ليله ونهاره ولا يقوم الا وقت الصلاة حتى انخرق جبينه وسال الدم من عينيه.
فلما كان بعد أربعين يوما نودي: يا داود مالك أجائع أنت فنشبعك أو ظمآن فنسقيك أم عريان فنكسوك، أم خائف فنؤمنك؟ فقال: أي رب وكيف لا أخاف وقد عملت ما عملت وأنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم؟ فأوحى الله عز وجل إليه تب يا داود فقال أي رب وأنى لي بالتوبة؟ قال: صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك واسأله أن يغفر لك، فان غفر لك غفرت لك