انما بادرت إلى ذلك لئلا يسألني أحد من أنت، ثم ركب أبو سفيان راحلته وهي معقولة ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا تحدث حدثا حتى ترجع إلى لقدرت ان أقتله ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان لابد من أن أقيم أنا وأنت على ضعفاء الناس، ثم قال: ارتحلوا انا مرتحلون ففروا منهزمين، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأصحابه: لا تبرحوا فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة وبقى رسول الله صلى الله عليه وآله في نفر يسير وكان أبو عرقد الكناني رمى سعد بن معاذ بسهم في الخندق فقطع أكحله فنزفه الدم (1) فقبض سعد على أكحله بيده ثم قال: اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فابقني لها فلا أحد أحب إلى محاربتهم من قوم حاربوا الله ورسوله، وإن كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين قريش فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة، فأمسكت الدم وتورمت يده وضرب له رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد خيمة وكان يتعاهده بنفسه. فأنزل الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم و تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم يعنى بني قريظة حين غدروا وخافوهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر إلى قوله: ان يريدون الا فرارا وهم الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله تأذن لنا نرجع إلى منازلنا فإنها في أطراف المدينة، ونخاف اليهود عليها. فأنزل الله عز وجل فيهم: ان بيوتنا عورة وما هي بعورة ان يريدون الا فرارا إلى قوله تعالى وكان ذلك على الله يسيرا ونزلت هذه الآية في الثاني لما قال لعبد الرحمن بن عوف:
هلم ندفع محمدا إلى قريش ونلحق نحن بقومنا.
38 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: ولان الصبر على ولاة الامر مفروض لقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل) وايجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته بقوله: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.