دفع إلى كل انسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا فتشهد عليهم الملائكة فيقولون: يا رب ملائكتك يشهدون لك ثم يحلفون أنهم لم يعملوا من ذلك شيئا وهو قول الله عز وجل (ويوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم) فإذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم وتنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون.
76 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وقوله: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) قال: ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة. يكفر أهل المعاصي بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا والكفر في هذه الآية البراءة يقول يتبرأ بعضهم من بعض ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: (انى كفرت بما أشركتمون من قبل) وقول إبراهيم خليل الرحمان: (كفرنا بكم يعنى تبرأنا منكم ثم يجتمعون في مواطن اخر فيستنطقون فيه فيقولون: (والله ربنا ما كنا مشركين) وهؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد فلم ينفعهم ايمانهم مع مخالفتهم رسله، وشكهم فيما أتوا به من ربهم، ونقضهم عهوده في أوصيائه، واستبدالهم الذي هو أدنى بالذي هو خير، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله: (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) فيختم الله على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود، فتشهد بكل معصية كانت منه، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم: (لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ).
77 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون فإنه رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد ويقولون ان الرجل إذا نكح المرأة وصارت النطفة في رحمها تلقيه الاشكال من الغذاء ودار عليه الفلك، ومر عليه الليل والنهار [فيولد الانسان بالطبايع من الغذاء ومرور الليل والنهار] فنقض الله عز وجل عليهم قولهم في حرف واحد فقال جل ذكره: (ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون) قال: لو كان هذا كما يقولون لكان ينبغي ان يزيد الانسان ابدا ما دامت الاشكال قائمة والليل والنهار قائمان والفلك يدور، فكيف صار يرجع إلى النقصان كلما ازداد في الكبر