كثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالا منه، وان إبراهيم عليه السلام لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثق وعمل له حيرا (1) وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم عليه السلام في النار لتحرقه ثم اعتزلوها حتى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم عليه السلام سليما مطلقا من وثاقه فأخبر نمرود خبره فأمرهم ان ينفوا إبراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله فحاجهم إبراهيم عليه السلام عند ذلك فقال إن أخذتم ماشيتي ومالي فان حقي عليكم ان تردوا على ما ذهب من عمري في بلادكم، واختصموا إلى قاضى نمرود فقضى على إبراهيم ان يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم وقضى على أصحاب نمرود ان يردوا على إبراهيم عليه السلام ما ذهب من عمره في بلادهم. فأخبر ذلك نمرود فأمرهم ان يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه، وقال: انه ان بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم فأخرجوا إبراهيم ولوطا معه عليهما السلام من بلادهم إلى الشام، فخرج إبراهيم ومعه لوط لا يفارقه وسارة وقال لهم: انى ذاهب إلى ربى سيهدين يعنى بيت المقدس فتحمل إبراهيم عليه السلام بماشيته وماله وعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليها الاغلاق غيرة منه عليها، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان رجل من القبط يقال له عرارة فمر بعاشر (2) له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت قال العاشر لإبراهيم: افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه، فقال له إبراهيم قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطى عشره ولا تفتحه، قال: فأبى العاشر الا فتحه قال: وغضب إبراهيم على فتحه، فلما بدت له سارة وكانت موصوفة بالحسن والجمال قال له العاشر: ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم: هي حرمتي وابنة خالتي فقال له العاشر: فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم عليه السلام: الغيرة عليها ان يراها أحد، فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها وحالك، قال: فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه، فبعث الملك رسولا من قبله
(٤١٧)