والفجر حتى إذا بزغت الشمس (1) خرج إلى عرفات فنزل بنمرة وهي بطن عرنة (2) فلما زالت الشمس خرج وقد اغتسل فصلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين وصلى في موضع المسجد الذي بعرفات، وقد كانت ثم أحجار بيض فأدخلت في المسجد الذي بنى، ثم مضى به الموقف فقال: يا إبراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك فلذلك سميت عرفة، وأقام به حتى غربت الشمس، ثم أفاض به فقال: يا إبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت المزدلفة وأتى المشعر الحرام، فصلى به المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ثم بات بها حتى إذا صلى بها صلاة الصبح أراه الموقف، ثم أفاض إلى منى فأمره فرمى جمرة العقبة، وعندها ظهر له إبليس ثم أمره الله بالذبح، وان إبراهيم عليه السلام حين أفاض من عرفات بات على المشعر الحرام وهو قزح (3) فرأى في النوم انه يذبح ابنه وقد كان حج بوالدته وأهله، فلما انتهى إلى منى رمى جمرة العقبة هو وأهله ومرت سارة إلى البيت واحتبس الغلام فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى، فاستشار ابنه وقال كما حكى الله: (يا بنى انى أرى في المنام انى أذبحك فانظر ماذا ترى فقال الغلام كما حكى الله عز وجل عنه: امض لما أمرك الله به (يا أبت إفعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من الصابرين) وسلما لأمر الله عز وجل وأقبل شيخ فقال: يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام؟ قال: أريد أن أذبحه. فقال:
سبحان الله! تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين؟ فقال إبراهيم: إن الله أمرني بذلك فقال: ربك ينهاك عن ذلك وانما امرك بهذا الشيطان. فقال له إبراهيم: ان الذي بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به والكلام الذي وقع في أذني (4) فقال: