فأباته بها، ثم غدا به إلى عرفات فضرب خباء بنمرة (1) دون عرفة فبنى مسجدا بأحجار بيض. وكان يعرف أثر مسجد إبراهيم حتى أدخل في هذا المسجد الذي بنمرة حيث يصلى الامام يوم عرفة فصلى بها الظهر والعصر، ثم عمد به إلى عرفات فقال: هذه عرفات فاعرف بها مناسكك واعترف بذنبك فسمى عرفات، ثم أفاض إلى المزدلفة فسميت المزدلفة لأنه ازدلف إليها، ثم قام على المشعر الحرام فأمره الله أن يذبح ابنه، وقد رأى فيه شمايله وخلايقه، وأنس ما كان إليه، فلما أصبح أفاض من المشعر إلى منى، فقال لامه: زوري البيت أنت واحتبس الغلام، فقال: يا بنى هات الحمار والسكين حتى أقرب القربان، فقال أبان فقلت لأبي بصير: ما أراد بالحمار والسكين؟ قال أراد أن يذبحه ثم يحمله فيجهزه ويدفنه، قال: فجاء الغلام بالحمار والسكين فقال: يا أبت أين القربان؟
قال: ربك يعلم أين هو، يا بنى أنت والله هو، ان الله قد أمرني بذبحك فانظر ماذا ترى؟
(قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) قال: فلما عزم على الذبح قال: يا أبت خمر وجهي وشد وثاقي قال: يا بنى الوثاق مع الذبح؟! والله لا أجمعهما عليك اليوم، قال: أبو جعفر عليه السلام: فطرح له قرطان الحمار (1) ثم أضجعه عليه وأخذ المدية فوضعها على حلقه، قال: فأقبل شيخ فقال: ما تريد من هذا الغلام؟ قال:
أريد أن أذبحه، فقال: سبحان الله غلام لم يعص الله طرفة عين تذبحه؟! فقال: نعم إن الله قد أمرني بذبحه، فقال: بل ربك ينهاك عن ذبحه وإنما أمرك بهذا الشيطان في منامك، قال: ويلك الكلام الذي سمعت هو الذي بلغ بي ما ترى لا والله لا أكلمك، ثم عزم على الذبح، فقال الشيخ: يا إبراهيم انك امام يقتدى بك وان ذبحت ولدك ذبح الناس أولادهم فمهلا، فأبى ان يكلمه، قال أبو بصير: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: فأضجعه عند الجمرة الوسطى ثم اخذ المدية فوضعها على حلقه، ثم رفع رأسه