أبوه أنظر فيقول: لا، ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال: هذا أحدهما و أشار بيده إليه، ثم مروا أيضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الآخر فقال: وهذا الآخر قال: فقال النبي صاحب الرجلين اما انا فقد آمنت بإلاهكما وعلمت ان ما جئتما به هو الحق. قال: فقال الملك: وانا أيضا وآمن أهل مملكته كلهم.
31 - في مجمع البيان قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسولين إلى أنطاكية فأتياها ولم يصلا إلى ملكها وطالت مدة مقامهما، فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكرا الله فغضب وأمر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة، فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسى عليه السلام شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما، فدخل شمعون البلدة متنكرا، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به فرفعوا خبره إلى الملك فدعاه فرضى عشرته وأنس به وأكرمه، ثم قال له ذات يوم: أيها الملك بلغني انك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك فهل سمعت قولهما؟ قال الملك: حال الغضب بيني وبين ذلك قال: فان رأى الملك دعاهما حتى نطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون: من أرسلكما إلى هيهنا؟ قالا: الله الذي خلق كل شئ لا شريك له، قال: وما آيتكما؟ قالا: ما تتمناه، فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة، فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر، فأخذا بندقتين (1) من الطين فوضعاهما في حدقتيه، فصارا مقلتين (2) يبصر بهما، فتعجب الملك فقال شمعون للملك: رأيت لو سألت الهك حتى يصنع صنيعا مثل هذا فيكون لك ولإلاهك شرفا فقال الملك: ليس لي عنك سر إن الهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع، ثم قال الملك للرسولين: ان قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به وبكما، قالا: الهنا قادر على كل شئ، فقال الملك: ان هنا ميتا مات منذ سبعة أيام لم ندفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا، فجاؤوا بالميت وقد تغير وأروح (3) فجعلا