صنع بالطينتين؟ قال: مزج بينهما بالماء الأول والماء الثاني ثم عركهما عرك الأديم، ثم أخذ من ذلك قبضة فقال: هذه إلى الجنة ولا أبالي، وأخذ قبضة أخرى وقال:
هذه إلى النار ولا أبالي، ثم خلط بينهما فوقع من سنخ (1) المؤمن وطينته على سنخ الكافر وطينته، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته، فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صيام أو حج أو جهاد أو جناية أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه، لان من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر، وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه، لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واشتغال الخير واجتناب المآثم، فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عز وجل قال: انا [الله] عدل لا أجور، ومنصف لا أظلم، وحكم لا أحيف ولا أميل ولا اشطط، الحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بنسخ الناصب وطينته، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته، ردوها كلها إلى أصلها، فانى انا الله لا اله الا أنا عالم السر وأخفى، وانا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف ولا أظلم ولا ألزم أحدا الا ما عرفته منه قبل ان أخلقه.
ثم قال الباقر عليه السلام: يا إبراهيم اقرأ هذه الآية قلت: يا ابن رسول الله أية آية؟
قال: قوله تعالى: (قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا إذا لظالمون) هو في الظاهر ما تفهمونه، هو والله في الباطن هذا بعينه يا إبراهيم، ان للقرآن ظاهرا وباطنا ومحكما ومتشابها وناسخا ومنسوخا ثم قال: اخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان أهو بائن من القرص؟ قلت: في حال طلوعه بائن، قال: أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك يعود كل شئ إلى سنخه وجوهره وأصله، فإذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل طينة الناصب مع أثقاله وأوزاره من المؤمن،