فإذا وقف شيئا من أملاكه زال ملكه عنه إذا قبض الموقوف عليه أو من يتولى عنه، وان لم يقبض لم يخص الوقف ولم يلزم. فهذان شرطان في صحة الوقف.
فمتى لم يقبض الوقف ولم يخرجه من يده أو وقف مالا يملكه كان الوقف باطلا فإذا قبض الوقف فلا يجوز الرجوع له فيه بعد ذلك ولا التصرف فيه ببيع ولا هبة ولا غيرها، ولا يجوز لاحد من ورثته التصرف فيه.
(فصل) وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا أحبس بعد سورة النساء (1.
فلا يدل على حظر الوقف أو كراهيته، وانما المعنى في ذلك أحد أمرين:
أحدهما: أراد حبس الزانية التي ذكرها الله في قوله " فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا " (2، فان الله نسخ هذا الحكم على لسان رسوله عليه السلام بقوله: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.
والثاني: أراد الحبس الذي كان يفعله الجاهلية في نفي السائبة والبحيرة والوصيلة والحام، قال الله تعالى " ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام " (3. فالسائبة هي الناقة تلد عشرة بطون كلها إناث فتسيب تلك الناقة فلا تركب ولا تحلب الا لضيف. والبحيرة هي ولدها الذي تجئ به في البطن الحادي عشر، فإن كان أنثى بحروا أذنها أي شقوها فهي البحيرة.
وأما الوصيلة فهي الشاة تلد خمس بطون في كل بطن اثنان، فإذا ولدت البطن السادس ذكرا وأنثى قيل وصلت أخاها فما يلد بعد ذلك يكون حلالا