سبب نزول هذه الآية أن المهادنة لما وقعت بين النبي عليه السلام وبين قريش بالحديبية فرت بعدها امرأة من المشركين وخرجت إلى رسول الله مسلمة، فجاء زوجها وقال: ردها علي، فنزلت " لا ترجعوهن إلى الكفار " (1.
وما جرى للنساء ذكر وانما ضمن أن يرد الرجال، فأمر الله أن تمتحن المهاجرة بالشهادتين فان كانت مؤمنة رد صداقها ولا ترد هي عليه، إذ هي لا تحل له ولا هو يحل لها، وهذا في القرآن للتوكيد. " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " حكم آخر، أي كما ليس للمؤمنة أن تكون مع الكافر فكذلك أنتم أيها المؤمنون لا تبغوا نكاح الكافرات ان لم يؤمن.
ثم قال تعالى " واسئلوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا " أي ان ارتدت مسلمة فلحقت بأهل المعاهدة فلكم أن تطالبوا أهلها أو وليها من الكفار أو يردوا عليكم ما أنفقتم في صداقها ولهم أن يطالبوكم بمثل ذلك، فأما رد المؤمنة على الكافر فلم يجز البتة في حكم الله تعالى.
وفي هذه الآية أحكام كثيرة منها ما هو باق ومنها ما قد سقط، وكثير من الناس يدعون [النسخ فيما قد سقط كامتحان المهاجرة ورد الصداق على الكافر] (2 وليس في شئ من ذلك نسخ، وانما هي أحكام تبعت الهجرة والهدنة التي كانت فلما انقضى زالت تلك الأحكام، وما كان كذلك لم يكن نسخا.
وقال الحسن: معنى قوله تعالى " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " اقطعوا عصمة الكفار ولا تتمسكوا بها. قال: كان في صدر الاسلام تكون المسلمة تحت الكافر والكافرة تحت المسلم، فنسخت هذه الآية ذلك. وهذا ليس بنسخ على الحقيقة، لان الله لم يأمر بالأول فيكون نهيه عنه نسخا، وانما كان للأول بقاء على الحالة