من كل جانب إلى مكة، ثمانية وأربعين ميلا، فما خرج عنه فليس من الحاضرين، لا يجوز له مع الامكان غير التمتع، وعند الضرورة، يجوز له القران والافراد. ومن كان من حاضري المسجد الحرام، لا يجوز له التمتع، وإنما فرضه القران أو الافراد على ما نفسره في القران والافراد، وسياق المتمتع أن يحرم من الميقات في أشهر الحج وهي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، ثم يخرج إلى مكة، فيطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ويقصر، ثم ينشئ إحراما آخر بالحج من المسجد الحرام، ويخرج إلى عرفات، ويقف هناك، ويفيض إلى المشعر، ويغدوا منها إلى منى، ويقضى مناسكه هناك، ويدخل في يومه إلى مكة، فيطوف بالبيت طواف الزيارة، ويسعى بين الصفا والمروة، ويطوف طواف النساء، وقد أحل من كل شئ ويعود إلى منى، فبيت ليالي بها، ويرمي الجمار في ثلاثة أيام - على ما شرحناه في النهاية، والمبسوط - وفي بعض ذلك خلاف بين الفقهاء ذكرناه في الخلاف وللمفسرين في التمتع أربعة أقوال: فالأول رواه أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وآله أهل بعمرة وحجة، وسموه قارنا، وأنكر ذلك ابن عمر، والثاني روى ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطا، واختاره الجبائي: وهو أن يعتمر في أشهر الحج ثم يأتي مكة، فيطوف، ويسعى، ويقصر ثم يقيم حلالا إلى يوم التروية، أو يوم قبله، فيهل فيه بالحج من مكة، ثم يحج. وهذا مثل ما قلناه سواء. وقال البلخي: إن هذا الضرب كرهه عمر، ونهى عنه، وكرهه ابن مسعود. الثالث - هو الناسخ للحج بالعمرة رواه جابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرهم - وقد أهلوا بالحج، لا ينوون غيره - أن يعتمروا ثم يحلوا إلى وقت الحج. هذا عندنا جائز أن يفعل. وروي عن أبي ذر: أنها كانت لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله خاصة.
وكذلك يقولون: إن عمرا أنكر هذه المتعة.
الرابع - قال ابن الزبير: إن المحصر إذا دخل مكة بعد فوت الحج، تمتع بالعمرة، لأنه يحل بها إلى وقت الحج، وكذلك من اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج تلك السنة، فهو المتمتع، ولا هدي عليه. وهذا عندنا فاسد بما قدمناه.