فقد روي عن ابن عمر: ان تفصلوا بين الحج والعمرة، فتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج، أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته. وروي ذلك عن القاسم بن محمد عن ابن شهاب عن عبد الله، وابن سيرين. وقد بينا مذهبنا في ذلك. فان قيل كيف جمع شهرين، وعشرة أيام ثلاثة أشهر؟ قلنا: لأنه قد يضاف الفعل إلى الوقت وإن وقع في بعضه.
ويجوز أن يضاف الوقت إليه كذلك، كقولك: صليت صلاة يوم الجمعة، وصلاة يوم العيد وإن كانت الصلاة في بعضه. ويقال أيضا: قدم زيد يوم كذا، وخرج يوم كذا وإن كان قدومه أو خروجه في بعضه، فكذلك جاز أن يقال: شهر الحج ذو الحجة، وإن كان في بعضه، وإنما يفرض فيهن الحج، بأن يحرم فيهن بالحج - بلا خلاف - أو بالعمرة التي يتمتع بها بالحج - عندنا خاصة - وفي الاحرام بالحج وافقنا فيه ابن عباس، والحسن، وقتادة. وقال ابن عمر، ومجاهد: إنما يفرض فيهن بالتلبية. وقال بعض المتأخرين: يفرض بالعزم على أعمال الحج.
الاعراب:
ولا يجوز نصب أشهر - في العربية - على ما بيناه من المعنى من أن تقديره أشهر " الحج أشهر معلومات " أو وقت " الحج أشهر معلومات " وقد أجازوا الحج شهر ذي الحجة، لأنه معرفة كما تقول العرب: المسلمون جانب، والكفار جانب بالرفع، فإذا أضافوا نصبوا، فقالوا: المسلمون جانب أرضهم، والكفار جانب بلادهم. وإنما جاز ذلك، لان النكرة لما جاءت على شرط الخبر: في كونه نكرة من حيث كانت الفائدة فيه، رفعت بأنها خبر الابتداء فلما صارت معرفة، والخبر يطلب النكرة نصبت ليصح تقدير الاستقرار الذي هو نكرة كأنك قلت: الكفار مستقرون جانب بلادهم، ففائدة الأول من جانب، وفائدة الثاني في مستقر.
المعنى:
وقوله تعالى: " فلا رفث " فالرفث هاهنا - عند أصحابنا - كناية عن الجماع وهو قول ابن مسعود، وقتادة. وأصله الافحاش في النطق كما قال العجاج: