والثاني - الاسلام دون الكفر. وأصل الدين العادة في قول الشاعر: (1) تقول إذا درأت لها وضيني * أهذا دينه أبدا وديني (2) وقال آخر:
كدينك من أم الحو يرث قبلها * وجارتها أم الرباب بما سل (3) وقد استعمل بمعنى الطاعة في قوله تعالى: " ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك " (4) واستعمل بمعنى الاسلام، لان الشريعة فيه يجب أن تجري على عادة قال الله تعالى: " إن الدين عند الله الاسلام " (5).
وقوله: " فان انتهوا " معناه امتنعوا من الكفر وأذعنوا بالاسلام، " فلا عدوان إلا على الظالمين " أي فلا قتل عليهم، ولا قتل إلا على الكافرين المقيمين على الكفر، وسمي القتل عدوانا مجازا من حيث كان عقوبة على العدوان، والظلم، كما قال: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه " (6) وكما قال " وجزاء سيئة سيئة مثلها " (7) وكما قال: " وإن عاقبتم فعاقبوا " (8) وحسن ذلك لازدواج الكلام، ومزاوجته هاهنا على المعنى، لان تقديره " فان انتهوا " عن العدوان، " فلا عدوان إلا على الظالمين ". فان قيل: أيجوز أن تقول لا ظلم إلا على الظالمين كما جاز " لا عدوان إلا على الظالمين "؟ قلنا: على القياس لا يجوز، لان ذلك مجاز، والمجاز لا يقاس عليه - عند المحصلين - لئلا تلتبس الحقيقة بالمجاز. وإنما جاز في المزاوجة، لان الكلام