وقوله تعالى: " فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم " فالهدي واجب على المتمتع بلا خلاف، لظاهر التنزيل، على خلاف فيه أنه نسك أو جبران، فعندنا أنه نسك، وفيه خلاف فإن لم يجد الهدي ولا ثمنه، صام ثلاثة أيام في الحج، وعندنا أن وقت صوم الثلاثة أيام: يوم قبل التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة، فان صام في أول العشرة جاز ذلك رخصة. وإن صام يوم التروية ويوم عرفة قضى يوما آخر بعد التشريق فان فاته يوم التروية صام بعد القضاء من التشريق ثلاثة أيام متتابعات. وروي عن ابن عباس، وابن عمر، والحسن، ومجاهد: أنه يجوز ما بين إحرامه في أشهر الحج إلى يوم عرفة. واستحبوا أن يكون يوما قبل التروية، ويوم عرفة. ووقت صوم السبعة أيام إذا رجع إلى أهله، وبه قال عطا، وقتادة. وقال مجاهد: إذا رجع عن حجه في طريقه. فأما أيام التشريق، فلا يجوز صومها عندنا، وبه قال جماعة من المفسرين، واختاره الجبائي، لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن صوم أيام التشريق. وروي عن ابن عمر، وعائشة جواز ذلك.
وقوله: " تلك عشرة كاملة " اختلفوا في معناه، فقال الحسن، والجبائي، وهو المروي عن أبي جعفر (ع) أن المعنى كاملة من الهدي أي إذا وقعت بدلا منه، استكملت ثوابه.
الثاني - ما ذكره الزجاج، والبلخي أنه لإزالة الايهام لئلا يظن أن (الواو) بمعنى (أو) فيكون كأنه فصيام ثلاثة أيام في الحج سبعة أيام إذا رجعتم، لأنه إذا استعمل (أو) بمعنى (الواو) جاز أن يستعمل (الواو) بمعنى (أو) كما قال:
" فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " والمراد " أو " فذكر ذلك لارتفاع اللبس.
والثالث - قاله المبرد: إنه أعاد ذلك للتأكيد قال الشاعر:
ثلاث واثنتان فهن خمس * وسادسة تميل إلى شمام (1)