وشاهدا، لان شهداء جمع شهيد، وقد علمنا أن كل واحد من هذه الأمة ليس بهذه الصفة، فلم يجز أن يكون المراد ما قالوه، على أن الأمة إن أريد بها جميع الأمة، فقد بينا ان فيها كثيرا ممن يحكم بفسقه بل بكفره، فلا يجوز حملها على الجميع.
وان خصوها بالمؤمنين العدول، لنا أن نخصها بجماعة، كل واحد منهم موصوف بما وصفنا به جماعتهم: وهم الأئمة المعصومون من آل الرسول صلى الله عليه وآله على أنالوه سلمنا ما قالوه من كونهم عدولا، ينبغي أن نجنبهم ما يقدح في عدالتهم وهي الكبائر، فأما الصغائر التي تقع مكفرة، فلا تقدح في العدالة، فلا ينبغي أن نمنع منها، ومتى جوزنا عليهم الصغائر لم يمكنا أن نحتج باجماعهم، لأنه لا شئ أجمعوا عليه إلا ويجوز أن يكون صغيرا فلا يقدح في عدالتهم، ولا يجب الاقتداء بهم فيه لكونه قبيحا. وفي ذلك بطلان الاحتجاج باجماعهم. وكيف يجنبون الصغائر، وحال شهادتهم ليس بأعظم من شهادة النبي صلى الله عليه وآله ومع هذا يجوزون عليه الصغائر فهلا جاز مثل ذلك عليهم، ولا تقدح في عدالتهم - كما لم تقدح في عدالة النبي صلى الله عليه وآله؟
قوله: " ويكون الرسول عليكم شهيدا ". قيل في معناه قولان:
أحدهما - عليكم شهيدا بما يكون من اعمالكم. وقيل: يكون حجة عليكم.
والثاني - يكون لكم شهيدا بأنكم قد صدقتم - يوم القيامة - فيما تشهدون به.
وجعلوا (على) بمعتى اللام كما قال: " وما ذبح على النصب " (2) اي للنصب. والتشبيه في قوله " وكذلك " وقع بما دل عليه الكلام في الآية التي قبلها: وهي قوله " يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " فتقديره أنعمنا عليكم بالعدالة كما أنعمنا عليكم بالهداية والعامل في الكاف جعلنا، كأنه قيل: " من يشاء إلى صراط مستقيم " فقد أنعمنا عليكم بذلك وجعلناكم أمة وسطا فأنعمنا كذلك الانعام. إلا أن (جعلنا) يدل على أنعمنا في هذا الكلام، فلم نحتج إلى حذفه معه في قوله تعالى: " وما جعلنا القبلة التي التي كنت عليها " اي ما صرفناك عن القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم، وحذف لدلالة