أمرهما وحاصرا النجير أياما حصارا شديدا فلما جهدهم الحصار قال الأشعث بن قيس والله إن الموت بالسيف لاهون من الموت بالجوع فدعوني أنزل إلى هؤلاء فآخذ لي ولكم الأمان منهم فقالوا له افعل وأرسل الأشعث إلى زياد يسأله الأمان وأجابه فنزل إليه فأراد زياد قتله فقال له الأشعث لا تقتلني وابعث لي إلى أبي بكر يرى في رأيه فإنه يكره قتل مثلي وأنا أفتح لك النجير فآمنه زياد على نفسه وأهله وماله وفتح له الأشعث النجير ودخل زياد إلى النجير فأخرج من مقاتلهم خلقا كثيرا فعمد إلى أشرافهم وكانوا سبعمائة رجل فضرب أعناقهم في صعيد واحد وترك جثثهم للسباع لم يوار منها شيئا وسبى من مقاتليهم ثمانين رجلا وأخذ الذرية والنساء فعزلهم على حدة وبعث زياد بالجميع إلى أبي بكر وأرسل معهم الأشعث بن قيس في وثاق من حديد فلما دخل الأشعث على أبي بكر قال له أبو بكر أنت الذي فعلت كذا وكذا وفعلت كذا وكذا يعدد له ذنوبه فقال له الأشعث يا خليفة رسول الله دع عنك ما مضى واستقبل الأمور إذا أقبلت فوالله يا خليفة رسول الله ما كفرت بعد إسلامي ولكن شححت بمالي فقال له أبو بكر ألست الذي تقول كذا وكذا وتقول كذا وكذا فقال الأشعث نعم كل ذلك كان ولكن يا خليفة رسول الله قد تبت مما صنعت ورجعت إلى ما خرجت منه فأطلق أسر واستبقني لحربك وزوجني أختك فأطلقه أبو بكر وقبل توبته وزوجه أخته أم فروة بنت أبي قحافة قال وقسم أبو بكر سبى النجير خمسة أخماس ففرق الخمس في الناس وتر ك أربعة أخماس قال وقدم جماعة من أهل النجير يطلبون أن يفادوا سبيهم وقالوا والله يا خليفة رسول الله ما رجعنا عن الاسلام ولكن شححنا بأموالنا وقد رجع من وراءنا إلى ما خرجوا منه وبايعوا لك راضين فقال بعد ماذا بعد أن وطئتكم بالسيف قال الواقدي وحدثني ربيعة بن عثمان عن مسلم بن جندب قال لما كلم الوفد أبا بكر في أن يفادوا أسراهم أجابوا إلى ذلك وخطب الناس على المنبر أيها الناس ردوا على هؤلاء القوم أسراهم لا يحل لاحد يؤمن بالله أن يغيب أحدا منهم وقد جعلنا الفداء على كل رأس منهم أربعمائة درهم قال فجمع أبو بكر رضي الله عنه ما تحصل من ذلك مع ما استخرجه زياد من حصن النجير من الأموال فجعله مغنما انتهى أثر آخر يشهد لمذهبنا روى الواقدي في كتاب الردة أيضا حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده فذكر قصة إسلام أهل دبا وأزد عمان وأن النبي صلى الله عليه وسلم
(٣٣٥)