قولوا له فليوص، وكانت تعبر الرؤيا، فلا أدري أبلغه أم لا، فجاءه أبو لؤلؤة الكافر المجوسي عبد المغيرة بن شعبة، فقال: إن المغيرة قد جعل علي من الخراج ما لا أطيق، قال: كم جعل عليك؟ قال: كذا وكذا، قال: وما عملك؟ قال: أجوب الأرحاء، قال:
وما ذاك عليك بكثير، ليس بأرضنا أحد يعملها غيرك، ألا تصنع لي رحى؟ قال: بلى والله لأجعلن لك رحى يسمع بها أهل الآفاق، فخرج عمر إلى الحج، فلما صدر اضطجع بالمحصب، وجعل رداءه تحت رأسه، فنظر إلى القمر فأعجبه استواءه وحسنه، فقال: بدأ ضعيفا ثم لم يزل الله يزيده وينميه حتى استوى، فكان أحسن ما كان، ثم هو ينقص حتى يرجع كما كان، وكذلك الخلق كله، ثم رفع يديه فقال: اللهم إن رعيتي قد كثرت وانتشرت فاقبضني إليك غير عاجز ولا مضيع، فصدر إلى المدينة فذكر له أن امرأة من المسلمين ماتت بالبيداء مطروحة على الأرض يمر بها الناس لا يكفنها أحد، ولا يواريها أحد حتى مر بها كليب بن البكير الليثي، فأقام عليها حتى كفنها وواراها، فذكر ذلك لعمر فقال: من مر عليها من المسلمين؟ فقالوا: لقد مر عليها عبد الله بن عمر فيمن مر عليها من المسلمين، فدعاه وقال: ويحك! مررت على امرأة من المسلمين مطروحة على ظهر الطريق، فلم توارها ولم تكفنها؟ قال: ما شعرت بها ولا ذكرها لي أحد، فقال: لقد خشيت أن لا يكون فيك خير، فقال: من واراها وكفنها؟ قالوا: كليب بن بكير الليثي قال: والله لحري أن يصيب كليب خيرا، فخرج عمر يوقظ الناس بدرته لصلاة الصبح، فلقيه الكافر أبو لؤلؤة فطعنه ثلاث طعنات بين الثنة والسرة، وطعن كليب بن بكير فأجهز عليه وتصايح الناس، فرمى رجل على رأسه ببرنس ثم اضطبعه إليه، وحمل عمر إلى الدار فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس، وقيل لعمر: الصلاة فصلى وجرحه يثعب، وقال: لاحظ في الاسلام لمن لا صلاة له، فصلى ودمه يثعب، ثم انصرف الناس عليه فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنه ليس بك بأس، وإنا لنرجو أن ينسئ الله في أثرك ويؤخرك إلى حين، أو إلى خير، فدخل عليه ابن عباس وكان يعجب به، فقال: اخرج فانظر من صاحبي؟ ثم خرج فجاء فقال: أبشر يا أمير المؤمنين! صاحبك أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة، فكبر حتى خرج صوته من الباب، ثم قال: الحمد لله الذي لم يجعله رجلا من المسلمين، يحاجني بسجدة سجدها لله يوم القيامة، ثم أقبل على القوم فقال: أكان هذا عن ملا منكم؟ فقالوا: معاذ الله، والله لوددنا أنا فديناك بآبائنا، وزدنا في عمرك من