عمر بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه وطار العلج وبيده سكين ذات طرفين، ما يمر برجل يمينا ولا شمالا إلا طعنه حتى أصاب منهم ثلاثة عشر رجلا، فمات منهم تسعة، قال فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا ليأخذه، فلما ظن أنه مأخوذ نحر نفسه، قال:
فصلينا الفجر صلاة خفيفة، قال: فأما نواحي المسجد فلا يدرون ما الامر إلا أنهم حيث فقدوا صوت عمر جعلوا يقولون: سبحان الله - مرتين، فلما انصرفوا كان أول من دخل عليه ابن عباس فقال: انظر من قتلني؟ قال: فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة لصناع، وكان نجارا، قال: فقال عمر: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الاسلام، قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، قال: ثم قال لابن عباس: لقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، قال: فقال ابن عباس: إن شئت فعلنا، فقال:
بعدما تكلموا بكلامكم وصلوا صلاتكم ونسكوا نسككم؟ قال: فقال له الناس: ليس عليك بأس، قال: فدعا بنبيذ فشرب فخرج من جرحه، ثم دعا بلبن فشربه فخرج من جرحه، فظن أنه الموت، فقال لعبد الله بن عمر: انظر ما علي من الدين فأحسبه، فقال:
ستة وثمانين ألفا، فقال: إن وفى بها مال آل عمر فأدها عني من أموالهم، وإلا فسل بني عدي بن كعب، فإن تفي من أموالهم وإلا فسل قريشا ولا تعدهم إلى غيرهم، فأدها عني، اذهب إلى عائشة أم المؤمنين فسلم وقل: يستأذن عمر بن الخطاب - ولا تقل: أمير المؤمنين، فإني لست لهم اليوم بأمير - أن يدفن مع صاحبيه، قال: فأتاها عبد الله بن عمر فوجدها قاعدة تبكي، فسلم ثم قال: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، قالت: قد والله كنت أريده لنفسي، ولأؤثرنه اليوم على نفسي، فلما جاء قيل: هذا عبد الله بن عمر، قال: فقال: ارفعاني، فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: أذنت لك، قال: فقال عمر: ما كان شئ أهم عندي من ذلك، ثم قال: إذا أنامت فاحملوني على سريري ثم قف بي على الباب ثم استأذن فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لك فأدخلني، وإن لم تأذن فردني إلا مقابر المسلمين، قال: فلما حمل كأن الناس لم تصبهم مصيبة إلا يومئذ، قال: فسلم عبد الله بن عمر وقال: يستأذن عمر بن الخطاب، فأذنت له حيث أكرمه الله مع رسول الله (ص) ومع أبي بكر، فقالوا له حين حضره الموت:
استخلف، فقال: لا أجد أحدا أحق بهذا الامر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله (ص) وهو عنهم راض، فأيهم استخلفوا فهو الخليفة بعدي، فسمى عليا وعثمان وطلحة (44 / 4) الذي طعن عمر رضي الله عنه هو أبو لؤلؤة الفارسي المجوسي وقيل أن ذلك كان مؤامرة منه مع غيره من المجوس الأسرى الذين جئ بهم أسرى إلى المدينة. (*)