خلافة أبي بكر أنها كانت فلتة ولعمري إن كانت كذلك، ولكن الله أعطى خيرها ووقى شرها، وإياكم هذا الذي تنقطع إليه الأعناق كانقطاعها إلى أبي بكر، أنه كان من شأن الناس أن رسول الله (ص) توفي فأتينا فقيل لنا: إن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة مع سعد بن عبادة يبايعونه، فقمت وقام أبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح نحوهم فزعين أن يحدثوا في الاسلام فتقا، فلقينا رجلان من الأنصار رجل صدق عويم بن ساعدة ومعن بن عدي، فقالا: أين تريدون؟ فقلنا: قومكم لما بلغنا من أمرهم، فقالا: ارجعوا فإنكم لن تخالفوا، ولن يؤت شئ تكرهونه، فأبينا إلا أن نمضي، وأنا أزوي كلاما أريد أن أتكلم به، حتى انتهينا إلى القوم وإذا هم عكوف هنالك على سعد بن عبادة وهو على سرير له مريض، فلما غشيناهم تكلموا فقالوا: يا معشر قريش! منا أمير ومنكم أمير، فقام الحباب بن المنذر فقال: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، إن شئتم والله رددناها جذعة، فقال أبو بكر على رسلكم، فذهبت لأتكلم فقال: أنصت يا عمر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر الأنصار! إنا والله ما ننكر فضلكم ولا بلاءكم في الاسلام ولا حقكم الواجب علينا، ولكنكم قد عرفتم أن هذا الحي من قريش بمنزلة من العرب ليس بها غيرهم، وأن العرب لن تجتمع إلا على رجل منهم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، فاتقوا الله ولا تصدعوا الاسلام، ولا تكونوا أول من أحدث في الاسلام، ألا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين لي ولأبي عبيدة بن الجراح، فأيهما بايعتم فهو لكم ثقة، قال: فوالله ما بقي شئ كنت أحب أن أقوله إلا وقد قاله يومئذ غير هذه الكلمة، فوالله لان أقتل ثم أحيى ثم أقتل ثم أحيى في غير معصية أحب إلي من أن أكون أميرا على قوم فيهم أبو بكر، قال: ثم قلت: يا معشر الأنصار! يا معشر المسلمين! إن أولى الناس بأمر رسول الله (ص) من بعده ثاني اثنين إذ هما في الغار أبو بكر السباق المبين، ثم أخذت بيده وبادرني رجل
(٥٧١)