يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابا، وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كامرار الحديد على الطست الجديد.
(17) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن هوازن جاءت يوم حنين بالصبيان والنساء والإبل والغنم، فجعلوها صفوفا يكثرون على رسول الله (ص)، فلما التقوا ولى المسلمون كما قال الله، فقال رسول الله (ص): (يا عباد الله! أنا عبد الله ورسوله ثم قال: يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله، قال: فهزم الله المشركين ولم يضرب بسيف ولم يطعن برمح، قال: وقال رسول الله (ص) يومئذ: (من قتل كافرا فله سلبه، قال: فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا، فأخذ أسلابهم، وقال أبو قتادة: يا رسول الله! إني ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه درع له فأجهضت عنه، وقد قال حماد: فأعجلت عنه، قال: فانظر من أخذها، قال: فقام رجل فقال: أنا أخذتها فارضه منها وأعطنيها، وكان رسول الله (ص) لا يسأل شيئا إلا أعطاه أو سكت، فسكت رسول الله (ص)، قال: فقال عمر: لا والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها قال: فضحك رسول الله (ص) قال: صدق عمر، ولقي أبو طلحة أم سليم ومعها خنجر فقال أبو طلحة: يا أم سليم! ما هذا معك؟ قالت: أردت إن دنا مني بعض المشركين أن أبعج به بطنه، فقال أبو طلحة: يا رسول الله! ألا تسمع ما تقول أم سليم؟ قالت: يا رسول الله! قتل من بعدنا من الطلقاء، انهزموا بك يا رسول الله، فقال: (إن الله قد كفى وأحسن).
(18) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثنا أياس بن سلمة قال حدثني أبي قال: غزوت مع رسول الله (ص) هوازن فبينما نحن نتضحى وعامتنا مشاة فينا ضعفة إذ جاء رجل على جمل أحمر، فانتزع طلقا من حقبه فقيد به جمله رجل شاب، ثم جاء يتغدى مع القوم، فلما رأى ضعفهم وقلة ظهرهم خرج يعدو إلى جمله فأطلقه ثم أناخه فقعد عليه ثم خرج يركضه، واتبعه رجل من أسلم من صحابة النبي (ص) على ناقة ورقاء هي أمثل ظهر القوم، فقعد فاتبعه فخرجت أعدو فأدركته ورأس الناقة عند ورك الجمل وكنت عند ورك الناقة وكنت تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته، فلما وضع ركبتيه بالأرض اخترطت سيفي فأضرب رأسه، فندر فجئت براحلته وما عليها أقوده فاستقبل رسول الله (ص) مقبلا فقال: (من قتل الرجل؟ فقالوا: ابن الأكوع، فنفله سلبه.