بابها وجعل لا يترك إلا من كان من قومه وقد ترك رجالا من المهاجرين، وزاد أناسا، قال: ثم جاء النبي (ص) يعرف في وجهه الغضب فقال: (يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله، فجعلوا يقولون: نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، يا معشر الأنصار! ألم أجدكم عالة فأغناكم الله؟ فجعلوا يقولون: نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، يا معشر الأنصار! ألم أجدكم أعداء فألف الله بين قلوبكم، فيقولون:
نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فقال: ألا تجيبون؟ قالوا: الله ورسوله آمن وأفضل، فلما سري عنه قال: ولو شئتم لقلتم فصدقتم: ألم نجدك طريدا فآويناك، ومكذبا فصدقناك، وعائلا فآسيناك، ومخذولا فنصرناك، فجعلوا يبكون ويقولون:
الله ورسوله آمن وأفضل، قال: أوجدتم من شئ من دنيا أعطيتها قوما أتألفهم على الاسلام ووكلتكم إلى إسلامكم، لو سلك الناس واديا أو شعبا وسلكتم واديا أو شعبا لسلكت واديكم أو شعبكم، أنتم شعار والناس دثار، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ثم رفع يديه حتى إني لأرى ما تحت منكبيه فقال: اللهم اغفر للأنصار ولأبناء أبناء الأنصار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله إلى بيوتكم). فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وانصرفوا وهم يقولون: رضينا بالله ربا وبرسوله حظا ونصيبا.
(16) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا يعلى بن عطاء عن أبي همام عبد الله بن يسار عن أبي عبد الرحمن الفهري قال: كنت مع رسول الله (ص) في غزوة حنين، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظلال الشجر، فلما زالت الشمس لبست لامتي وركبت فرسي، فانطلقت إلى رسول الله (ص) وهو في فسطاطه فقلت:
السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، الرواح حان الرواح، فقال: أجل، فقال: يا بلال!
فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر، فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال:
أسرج لي فرسي، فأخرج سرجا دفتاه من ليف، ليس فيهما أشر ولا بطر، قال: فأسرج، قال: فركب وركبنا فصاففناهم عشيتنا وليلتنا، فتشامت الخيلان، فولى المسلمون مدبرين كما قال الله، فقال رسول الله: (يا عباد الله: أنا عبد الله ورسوله، ثم قال: يا معشر المهاجرين! أنا عبد الله ورسوله، ثم اقتحم رسول الله (ص) عن فرسه فأخذ كفا من تراب، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به وجوههم، وقال: شاهت الوجوه، قال: فهزمهم الله، قال يعلى بن عطاء: فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: لم