عليه بل يكون قد خفف عني معونة حفظها ورعايتها وشرفني بجميل ذكري بتأدية أمانتها، وإياك أن تخالف قولي لا تطلب ثوابا أصلا لأن من ابتدأك بالإحسان قبل معرفتك به وخدمتك له وجعلك لذلك أهلا هل يقبل العقل أنه لا يعطيك بعد المعرفة والخدمة جزاء وكرما وفضلا بلى والله ليعطين المخلصين له والمؤدين به عطاء جزيلا حتى يروا أن أعمالهم لا تقوم ببعض عطائه كلا والله كلا لقد كان أبوك علي بن موسى بن جعفر يخرج في أكثر الأوقات التسعة أعشار التي تحصل له مما يجب فيه الزكاة ويبقى له ولعياله نحو العشر وكذا ينبغي للمملوك إذا علم أنه يصير بعد قليل من الأموات ويأخذ سيده ما في يديه ويسلمه إلى غيره ويحاسبه الملكين له عليه وإن توقفت نفسك عن مقام الاخلاص في الايثار فاسمع ما يقول لك لسان حال الدرهم والدينار من كونه قتل فريقا من البخلاء الممتنعين من بذله وخرج فريقا وحبس فريقا وبالغ في غروره وفعله وقد جاءت نوبتك فلا تكن من جملة الهالكين بعد قتله وختله أو النادمين.
الفصل السادس والأربعون والمائة: وأما حديث الصيام فإنما صورته أنك تصوم بالليل في المنام فقلب الله جل جلاله تدبير الحال وجعل لك شوقا وذكرا جميلا في الأعمال، فصرت تأكل بالليل وتصوم بالنهار، وهو رياضة الأبرار، وبما علمهم الله جل جلاله منه ومن غيره امتلأت قلوبهم من الأموار واطلعوا على ما أراد الله جل جلاله اطلاعهم عليه من الاسرار فابدء يا ولدي بصوم العقل والقلب وعن كل ما يشغل عن الرب وعن الافطار بالذنب