وذكر نفسك أنه لو طلب سلطان مثل ذلك منك وأن تتقرب إليه وأنت في حضرته بين يديه بشعار المراقبة بخدمته والامساك عما يبعدك عن حضرته أما كنت تفرح بهذا التكليف وتعتقد أنه من التشريف فلا يكن الله جل جلاله عند عقلك دون هذه الحال فيفتضح العبد بالاقدام على هذا الاهمال وما يؤمن عليه الحصول في الأهوال. فإذا صام عقلك وقلبك عن الشواغل فكلف جوارحك جميعها أن تكون صائمة عما يشغل عن مولاك على ما يليق بك من الصوم الكامل وسوف أشرح تفصيل هذه الاسرار في كتاب سميته كتاب (المضمار) إنشاء الله تعالى فيكون عملك بالله جل جلاله على ما يفتحه جل جلاله من الأنوار.
الفصل السابع والأربعون والمائة: وأما الحج إلى الله جل جلاله بقصد بيته الحرام أكرمك الله جل جلاله يا ولدي بالحج على التمام إنشاء الله تعالى.
فاعلم: أن كل من قصد الحج لأجل سواه فقد ضاع قصده وفسد مسراه وإنما يقصد كل مقصود بالله جل جلاله ولأجل الله جل جلاله ولقد كنا مرة يا ولدي في طريق مشهد الحسين عليه السلام وكنا متيممين فنحتاج أن نصلي بالنوافل والفرائض بحسب ما هدانا الله جل جلاله إليه فصار الرفقاء يستعجلون فقلت لهم نحن نقصد الحسين عليه السلام لأجل الله جل جلاله أو نقصد الله جل جلاله لأجل الحسين عليه السلام فقالوا بل نقصد الحسين لأجل الله تعالى. فقلت لهم فإذا ضيعنا في طريق الله جل جلاله الذي نقصد الحسين عليه السلام لأجله فكيف حالنا عند الحسين عليه السلام وبأي وجه