فاعلم: أنها تستدعي لك الحضور بين يدي مالك الاحياء والأموات فبادر إليها بالتشريف والاستبشار بتلك العنايات واترك كل شغل لا يعذرك الله جل جلاله في الاشتغال به عنها فإنه يصير ذلك الشغل مخالفة على مولاك وتصغيرا لأمره وتخاطر مخاطرة لا تأمن أنك لا تسلم منها ولا تلتفت إلى قول من يسهل عليك تأخيرها عن أوائل الأوقات وجرب ذلك القائل لو كلفك حاجة وأخرتها عن أوائل قدرتك أفما يكون يلومك ويشهد أنك مستحق للمعاتبات وما تعرف حق المودات، ولكنهم جاهلون بالله جل جلاله وعظمته ونعمته فيريدون منك أن تحترمهم أكثر من احترامك لجلالته وأن تكون محبتك ومودتك لهم أكثر من محبته فإياك أن تقتدي بهم في التهوين بمولاك فقبيح وعظيم وفظيع أن يساوي العبد بالمولى وخاصة وهو يراك، هذا فعل من قد هون بالهلاك أدخل فيها دخول المشتاق إليها، وذوي السباق المنافسين عليها. وخاطب حيا موجودا وأنت أذل ذليل في حضرته وعظم مدحه والثناء عليه فيها أعظم وأبلغ ما تعظم مدح ملك من ملوك الدنيا عند مشافهته وإذا ركعت وسجدت فكن ذاكرا أنك بين يديه وأن ذلك الذل والخشوع خدمة له جل جلاله ومقرب إليه وأن له جل جلاله المنة كيف استخدمك كما قدمناه وأنك لا تطلب منه جزاء عاجلا وآجلا كما نبهنا عليه فيما أسلفناه بل لأنه يستحق الخدمة منك فإنه أهل للعبادة الصادرة عنك وإذا خرجت من صلاتك فكن على قدم الخوف أن تكون فيها من التقصير ما اقتضى ردها عليك فإنك تعلم أنك تعامل بعض بني آدم في حوائجهم بالنشاط والاقبال
(١٤١)