من المهاجرين كان يكون اجتماعهم في مسجد جدك محمد صلى الله عليه وآله فإنه كان محل اجتماع المسلمين وموضع المشاورة وتدبير المختلفين ومجلس إصلاح أمور الدنيا والدين وكانوا تناصحوا أو تواسلوا وسمع بعضهم من بعض على عادة المناصحين والمتفقين والمشفقين وهذا والله لا يخفى يا ولدي على من له اطلاع على ما جرى من أحوال أولئك المحتالين والمتغلبين ولذلك تأخر بنو هاشم وغيرهم من متابعيهم وأعقب الهلاك إلى يوم يظهر الاسلام على جميع أعداء الدين وصار ذلك التحيل والتغلب سنة حتى وصلت خلافة الاسلام إلى ملوك بني أمية الظالمين وإلى الخوارج وغيرهم من المتأولين واظلمت الطرق بين الأمة وبين سيد المرسلين وعترته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
الفصل الثاني والستون: ومما يدلك يا ولدي محمد شرفك الله جل جلاله بزيادة دلالته وسعادة عناياته على كذب من زعم أن جدك محمدا صلى الله عليه وآله انتقل إلى جوار الله جل جلاله ولم ينص على إمام يقوم مقامه في أمته وأن الذين فتحوا ذكره بذلك قد ردوا على أنفسهم وشهدوا بنصه عليه وآله السلام على إمام معلوم بقبيلته بإجماعهم وتواترهم أن النبي صلى الله عليه وآله قال الأئمة من قريش وهذا نص صريح منه على تعيين الامام وأنه من قبيلة قريش دون سائر القبائل فإن كان تعيين القبيلة لئلا يضل الأمة عن قبيلته وشفقته على أمته فالعقل يشهد أن تعيين الامام من هذه القبيلة، قريش العزيزة عليه وصيانتها من الضلال والاختلاف الذي بلغ حالها إليه كان أليق بشفقته وأهم عند نبوته وأن المقتضي تعيين القبيلة هو المقتضي تعيين واحد منها