الفصل الثاني والتسعون: واعلم يا ولدي محمد سلك الله جل جلاله بك سبيل الصواب وشرفك بسعادة ذوي الألباب، أن الذي جرى يوم السقيفة من تركهم للنبي صلى الله عليه وآله على فراش الممات واشتغالهم بالولايات وما جرى من ترك المشاورة لذوي البصائر وانفرادهم بتلك الفضائح في الموارد والمصادر كاد أن يزيل حكم النبوة ويوجب ذهاب الاسلام بالكلية لان العرب لما سمعوا عن أهل السقيفة اشتغالهم بالأمور الدنيوية واستخفافهم بالحرمة النبوية لم يستبعدوا أنهم خرجوا من اعتقاد نبوته وعن وصيته بمن أوصى إليه بإمامته وأن قد صار الامر مغالبة لمن غلب عليه فارتد قبائل العرب واختار كل قوم منهم رأيا اعتمدوا عليه فحكى جماعة من أصحاب التواريخ منهم العباس (بن عبد الرحيم المروزي) فقال ما هذا لفظه: ولم يلبث الاسلام بعد موت النبي صلى الله عليه من طوائف العرب إلا في أهل المدينة وأهل مكة وأهل الطائف ارتد سائر الناس، ثم شرح (المروزي) كيفية ارتداد الخلائق بعد النبي (ص) فقال ارتدت بنو تميم وغيرهم واجتمعوا على مالك ابن نويرة اليربوعي، وارتدت ربيعة كلها وكانت لهم ثلاثة عساكر عسكر باليمامة مع مسيلمة الكذاب وعسكر مع مغرور الشيباني وفيه بنو شيبان وعامة بكر بن وائل، وعسكر مع الحطم العبدي.
قال (المروزي) وارتد أهل اليمن وارتد الأشعث بن قيس في كندة وارتد أهل مأرب مع الأسود وارتدت بنو عامر إلا علقمة بن علافة فكان هذا الارتداد يا ولدي (محمد) من جملة موانع أبيك أمير المؤمنين عليه السلام