نصرانيا قرؤا له بالإنجيل وما عرف لهم أبدا تردد ولا اتحاد ولا وداد لأهل تلك الكتب بالكلية وكان ذلك من الآيات اللازمة لمن عرفها من البرية وقد اقتصرت على يسير من كثير من الدلالة لئلا أطيل عليك في الرسالة.
الفصل الستون: وأما ما تشبث به من ضل عن سواء السبيل بحديث يوم السقيفة وما جرى فيه من التأويل فقد كان ينبغي لهم أن يجتهدوا في ستر الحال على أولئك الجماعة وتغطية ما فضحوا به أنفسهم من ترك نبيهم صلى الله عليه وآله المفروض الطاعة الذي أمرهم الله جل جلاله بتعظيمه وتوقيره كان سبب ما وصلوا إليه من خير الدنيا والآخرة قليله وكثيره ولم يصبروا حتى يغسل ويكفن ويقضى حق المصيبة بفقده بل سارعوا إلى تركه على المغتسل واشتغلوا بطلب ما زهدهم فيه من الدنيا كأنهم كانوا يتمنون موته والتمكن من الدنيا بعده وكان يليق بالتوفيق أن يشغلوا أولياءهم بالفكر هل يعفو الله عن ذلك التفريط الهائل والاستخفاف الذاهل وهل يقبل الله جل جلاله التوبة من ذلك القبيح الخاطل فكيف صار مقام الخطأ والاعتذار والاستغفار من مقامات الاحتجاج والانتصار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار وفضيحة من فضائح دار الاغترار.
الفصل الحادي والستون: واعلم يا ولدي محمد وصل الله جل جلاله بينك وبين معرفة مراده صلة تكمل لك شرف إسعاده وإنجاده أنه لو كان الاجتماع في السقيفة لغير الحيلة على مراسم مخالفة جدك صلوات عليه وآله المقدسة المنيفة ولغير منافسة نافس من الأنصار لمن خافوا تغلبه على أبيك أمير المؤمنين