فيها تقول عليه وطلب رياسة لا أريد بها التقرب إليه فاعتزلت عن أوايل هذا الحال قبل التلبس بما فيها من الأهوال واشتغلت بما دلني عليه العلم من العمل الصالح ولم أكن عرفت ولا سمعت من أحد ما قد كتبت به إليك يا ولدي من الهدايات وفتح أبواب العنايات لكن كان الامر مبينا على ظاهر العبادة وإيقاعها على مقتضى العادة.
ثم اجتمع عندي من أشار إلى أن أكون حاكما بين المختلفين على عادة الفقهاء والعلماء من السلف الماضين ومصلحا لأمور المتحاكمين، فقلت لهم إنني قد وجدت عقلي يريد صلاحي بالكلية ونفسي وهواي والشيطان يريدون هلاكي بالاشتغال بالأمور الدنيوية وأنا قد دخلت بين عقلي ونفسي والشيطان وهواي على أن أحكم بينهم بمجرد العدل ويتفقون كلهم مع العقل فلم توافقوا على الدوام على صواب هذه الأحكام وقال لسان حال العقل إنه لا يجوز أن يكون تبعا لهم على الهلاك والجهل وما تهيأ في عمر طويل أن أحكم بين هذين الخصمين أو أصالح بينهم مصالحة تقر بها العين وينقطع معهم المنازعات والمخالفات فمن عرف من نفسه الضعف عن حكومة واحدة مدة من الأوقات كيف يقدم على الدخول فيما لا يحصى من الحكومات وقلت لهم انظروا من اتفق عقله ونفسه وطبعه وهواه وقوي على الشيطان وصاروا كلهم يدا واحدة في طلب طاعة الله ورضاه وتفرغ من مهماته المتعينة عليه فتحاكموا عنده فإنه يكون قادرا بتلك القدرة على فصل الحكومات والمصالحات إذا حضر الخصومة بين يديه، فاعتزلت يا ولدي محمد عن رياسة هذا الباب ورأيت في