بحبله وبالوثيق من فضله فإن درك هذا المسافر على ذلك السلطان بمقتضى عدله وإن توقفت نفسك عن السفر على هذه الصفات وطلبت التأسي بأهل الغفلات وتضييع الأوقات فاستعن بالله جل جلاله في قوتك على التوفيق واستعمل ما ذكرناه في كتاب (فتح الأبواب) من الاستخارات فإذا عملت بمقتضى تلك الإشارات صار سفرك بأمره جل جلاله وتعظيم قدره وسلمت من الندامات ومتى سافر الانسان بمجرد الطباع والشهوات كان هو والدابة التي يركبها سواء في الحركات والسكنات.
الفصل الثامن والثلاثون والمائة: وحيث ذكرت لك يا ولدي بعض ما أجراه الله جل جلاله على خواطري في أدب الحركات والتصرفات فيحسن أن أذكر ما تحتاج إليه عند منامك وجعله الله جل جلاله كنوم ذوي المعارف والمراقبات وقد شرحنا لك شرحا شافيا في كتاب (المهمات والتتمات) فاجلس في فرش منامك بالأدب بين يدي مالك وجودك وحياتك وعافيتك وجلوسك وقيامك وتذكر ما جرى منك قبل نومك من غفلتك جل جلاله أو تفريط في طاعتك له وخدمتك وما لم تتب عنه فتب في الحال عنه فإنك بالنوم تصير أسيرا لا تقدر أن تنفع نفسك قليلا ولا كثيرا ولا أن تدفع عنك في وقت منامك شيئا من الأوقات التي لا يمكن التحرز منها وتترك روحك وكل ما أعطاك الله جل جلاله من نعمته مستمرا لا تقدر أن تدفع عنها فصالح مولاك صلح العبد الذليل الحقير الفقير للمولى الجليل العلي الكبير، واخشع بين يديه وسلم نفسك كل ما وهبك الله واستودعه الجميع وقد سلمت من