الفصل السابع والتسعون: واعلم يا ولدي محمد عرفك الله جل جلاله من العلوم النافعة الباهرة ما تكمل به سعادة الدنيا والآخرة، مما يزيل بعض التعجب من ضلال أكثر هذه الأمة عن الصواب وغلبة الباطل على الحق في ظاهر الأسباب أن هذه سنة ماضية في الأمم الخالية فإن آدم عليه السلام كان له في حياته ولدان كما قدمنا قابيل وهابيل فغلب قابيل المبطل هابيل المحق وبقيت أمة شيث عليه السلام ومن بعده في تقية وفي مقام مغلوبين بالظالمين إلى أن جاءت نبوة نوح (ع) فلم يزالوا عليه مستظهرين وله معاندين إلى أن أهلكهم الله عز وجل بالغرق الشامل والهلاك الهائل وكذا جرى لصالح (ع) مع أمته، ولهود مع أمته، وللوط في أمته، ولإبراهيم عليه السلام مع نمرود ولموسى عليه السلام مع فرعون، ولامة عيسى عليه السلام حتى أخرجه الله جل جلاله منهم من الأرض إلى السماء وما انقادوا لأحد من الأنبياء إلا بالآيات أو القهر وأنواع البلاء وما استقام أمرهم مع داود عليه السلام إلا بأمور مذهلة للآراء، وما استقام أمرهم مع سليمان (ع) إلا بمعونة الجن والشياطين وطاعة الطير وغيرها وتسخير الهواء، وما استقاموا لذي القرنين إلا بالقتل الذريع وسفك الدماء، فأي أمة استقامت بالسلامة والعافية حتى تستقيم هذه الأمة بطاعة الله عز وجل ورسوله عليه السلام وطاعة الأئمة الهادية عليهم السلام وحصلت لآخر الأمم ونبيها آخر الأنبياء فكيف كان تهيأ الاستيصال بها بالفناء وبمثل ما جرى على الأمم الهالكة مع الأنبياء (ع).
الفصل الثامن والتسعون: واعلم يا ولدي أني كنت في حضرة مولانا