كأن الله جل جلاله قد ظلمه بالمرض وكان حق العايد لأهل الأمراض أن يهنيهم بتلك الأمراض لأنهم إما مسيئون ويريد الله جل جلاله بمرضهم تكفير السيئات أو ما هم من أهل الجنايات فيريد الله جل جلاله بإمراضهم من ارتفاع الدرجات ما لو اطلعوا عليه وجدوه قد شرفهم بتلك الحادثات وكان الحال عندهم مثل طبيب فصد إنسانا وقت عافيته ليأمن بذلك من سقم أو نقص يتجدد بمهجته أو لحفظ ما هو أهم على المفتصد من سعادته أما يرضى ابن آدم أنه توسخ قلبه وعقله ولسان حاله بجنايات فعاله ومقاله ويأتي الله جل جلاله على صفات غاسل بالأمراض لأقذاره ومطهر الأرجاس بيد اقتداره.
أقول ولقد مرض يا ولدي بعض الولاة وضجر من المرض حتى كاد يعارض مولاه فقلت له مكاتبة ما معناه: أنت تعلم أنك في صف عدو الله جل جلاله المسمى بالشيطان ترمي جناب الله جل جلاله المقدس بأحجار المنجنيق بالمعاصي مجاهرة بالاعلان فإذا سقط من منجنيقك عند ضربك لعظمة مخالفته حجر لطيف غير قاتل لك فضربك به ليكفر عند ضربك لجلالته فهل يكون إحسانا وإكراما أو هوانا وانتقاما، ولقد رأيت يا ولدي كثيرا من تشييع الجنائز والصلوات على الأموات وهو أعظم مقامات العظات التي كان ينبغي أن يشتغل العبد بأهوالها عن الدنيا وأهلها أو عن الغفلات قد صار على سبيل المكافات والتقرب إلى قلوب أوليائهم فلو مات صالح على اليقين وليس له من الاحياء من يتقرب إليه بالصلوات عليه لقل الراغبون في تشييع جنازته وسقطت مراسم سلطان العالمين وأوامر سيد المرسلين وكذلك لو مات أحد ممن له