اسم الجسم بعرف ولا عقل ولا شرع ولا بوصف، ثم كل جسم محتاج إلى مكان يحل فيه ويكون المكان متقدما عليه كما قدمناه فالجسم بالضرورة متأخر عن المكان وهل يبقى شك في أن كل جسم حادث عند كل من له أدنى نظر يعتمد عليه.
الفصل الرابع والثلاثون: أقول فكان ثبوت الأجسام على هذا الوصف الواضح كافيا في الدلالة على أن لها مؤلفا جل جلاله محدثا لها ومدبرا لأمرها بحسب المصالح فأشار الأنبياء صلوات الله عليهم والكتب المنزلة عليهم عليهم السلام إلى نحو هذه التنبيهات على هذه الدلالات الظاهرات فعدل شيوخ المعتزلة بالخلائق إلى غير تلك الصراط وضيقوا عليهم سبل الحقائق كما عدل من أراد تعريف حقيقة النار المعلومة بالاضطرار إلى استخراجها من الشجر أو الحراق أو الأحجار وهذا مثال يعرف أهل الانصاف أنه حق صحيح وما يحتاج إلى زيادة استكشاف.
الفصل الخامس والثلاثون: وكان مثالهم مع المتعلم منهم ومثله معهم أيضا كمثل إنسان كان من بين يديه شمعة مضيئة إضاءة باهرة فأخذها أستاذه من بين يديه وأبعدها عنه مسافة بعيدة كثيرة الحوائل والموانع من نظره بتلك الشمعة التي كانت حاضرة عنده وقال له تجهز للسفر بالزاد والرفقاء والعدة والأدلاء حتى تصل إلى معرفة تلك الشمعة وتنظر حقيقة ما هي عليه من الضياء فقبل ذلك المغتر المعترف من ذلك الأستاذ المتكلف وسافر مدة من الأوقات فتارة يرى جبال وعقبات فلا يظهر له من حقيقة الشمعة كثير ولا قليل، وتارة