فقال ما أقدم على الطعن في شئ قد عمله السلف والصحابة، فقلت له فهذا القرآن يشهد بأنهم عملوا في حياة النبي صلى الله عليه وآله وهو يرجى ويخاف والوحي ينزل عليه بأسرارهم في حال الخوف وفي حال الامن وحال الصحة والايثار عليه ما لا يقدروا أن يجحدوا الطعن عليهم به وإذا جاز منهم مخالفته في حياته وهو يرجى ويخاف فقد صاروا أقرب إلى مخالفته بعد وفاته وقد انقطع الرجاء والخوف منه وزال الوحي عنه، فقال في أي موضع من القرآن؟
فقلت قال الله جل جلاله في مخالفتهم في الخوف (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) فروى أصحاب التواريخ أنه لم يبق معه إلا ثمانية أنفس، علي عليه السلام والعباس والفضل بن العباس وربيعة وأبو سفيان ابنا الحارث بن عبد المطلب وأسامة بن زيد وعبيدة بن أم أيمن.
وروى أيمن بن أم أيمن وقال الله جل جلاله في مخالفتهم له في الامن (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) فذكر جماعة من المؤرخين أنه كان يخطب يوم الجمعة فبلغهم أن جمالا جاءت لبعض الصحابة مزينة فسارعوا إلى مشاهدتها وتركوه قائما وما كان عند الجمال شئ يرجون الانتفاع به، فما ظنك بهم إذا حصلت خلافة يرجون نفعها ورياستها وقال الله تعالى في سوء صحبتهم ما قال الله جل جلاله (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر) ولو كانوا معذورين في سوء صحبتهم