أكثر ما تعامل به مالك دنياك وأخراك المحسن إليك.
الفصل الخامس والأربعون والمائة: وأما حديث الزكاة يا ولدي محمد زكاك الله جل جلاله بتطهيرك من الذنوب والعيوب وتجميلك بأداء الواجب والمندوب. فإنك تعلم أنك وأباك وكل من خرج إلى الدنيا من الخلائق كانوا فقراء وجرى عليهم حكم الفقر المدقع على مقتضى الحقائق، وإنما تقدم غناء قوم منهم وتأخر الغناء عن الآخرين وكلهم في كل حال فقراء إلى الله جل جلاله ومساكين، وما شركه أحد منهم في خلق الأرض، ولا خلق المعادن التي فيها، ولا في الأموال، وتدبير حائليها وجالبيها، فإذا بعث إليك جل جلاله جدك محمدا صلى الله عليه وآله بكتاب مقدس قد كتبه إليك على يديه يطلب منك زكاة بعض ماله ليتذخرها ويجعلها عناية بك وحرزا من الآفات، وسببا إلى أن يخلف عليك من النفعات في النفقات، فهل يجوز في عقل أو نقل أن تتوقف عن حمل بعض ماله إليه وترديد سؤاله عنك فيما يذخره لك، أو يد تقدمه الأشرف المشتمل على العناية بك فارغة عن حقير ماله في يديك خائبة من مدها إليك، لا بالله يا ولدي لا تفضحني ولا تفضح نفسك مع الله جل جلاله المنعم علي وعليك ولا تخجلنا معه ومع سلفك الطاهرين، واعتقد المنة لله رب العالمين كيف أكرمك وسلم ماله إليك وكيف رضيك مستودعا وكيف جعلك أهلا أن يبعث رسوله صلى الله عليه وآله إليك، فإن العقل قضى أنه إذا كان عندي وديعة لسيدي وأنا عبده وهو جل جلاله يقوم بكل ما أحتاج إليه وطلبها إنني أسلمها إليه ولا أطلب جزاء منه ولا أذل بذلك